دمشق | في لقاء مباشر أجرته قناة «الجزيرة» مع سميرة المسالمة للحديث عن درعا يوم الجمعة، صرّحت رئيسة تحرير صحيفة «تشرين» السوريّة بأنها تحمّل رجال الأمن مسؤولية ما يحدث، حتى لو كان هناك مسلحون يطلقون الرصاص عشوائياً على الناس. وأضافت أنّ على رجال الأمن أن يقبضوا على أعضاء العصابات ويسلّموهم إلى السلطات المعنية.
كذلك، دعت المسالمة التي بدت متأثرة جداً خلال مداخلتها، إلى محاسبة رجال الأمن الذين خالفوا التعليمات الرئاسية بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، واستغربت ارتفاع عدد الضحايا في نهاية حديثها.
وما هي إلا ساعات قليلة، حتى استدعت إحدى الجهات الأمنية المسالمة لتحقق معها في هذا الموضوع، وفي سبب خرق الرواية الرسمية التي تتداولها كل الشخصيات والمؤسسات الإعلامية الرسمية منذ بدء التظاهرات. وفي صباح اليوم التالي، أصدرت وزارة الإعلام ـــــ ممثلةً بالوزير المكلف تسيير أمورها محسن بلال ـــــ قراراً يقضي بإقالة المسالمة وتعيين منير الوادي خلفاً لها.
وكانت المسالمة قد عيّنت عام 2008 رئيسة لتحرير «تشرين» خلفاً لعصام داري، في سابقة هي الأولى من نوعها في سوريا، لأنها كانت المرأة الأولى التي تتسلّم مهمات رئاسة تحرير صحيفة في بلدها.
وفي اتصال مع «الأخبار»، أكدت سميرة المسالمة أنّها استُدعيت بالفعل وحُقِّق معها بشأن التصريحات الأخيرة التي أدلت بها على قناة «الجزيرة»، وهو اللقاء الذي كان السبب المباشر الذي أدى إلى إقالتها. وقالت المسالمة: «الإعلام الرسمي ممول من الدولة، لكنه ليس موظفاً للحديث كما تشتهي السلطة». وأضافت: «كنت إعلامية سورية، وسأبقى كذلك مع إيماني المطلق بالمشروع الإصلاحي الذي يقوده الرئيس بشار الأسد». ولفتت المسالمة إلى أن المناصب في هذه الظروف تصبح مسؤوليتها خطيرة جداً «وربما جاء القرار ليريحني من هذه المسؤولية».
وسط هذا، انتشر على «يوتيوب» شريط المداخلة بعنوان «سميرة المسالمة والحديث التلفزيوني الذي أطاحها»، علماً بأنّ تعيين المسالمة رئيسةً لتحرير صحيفة «تشرين» كان قد أثار لغطاً كبيراً. وقد تطورت الخلافات بينها وبين مجموعة من فريق عملها حتى وصلت إلى حرب شعواء شنت عليها على الشبكة العنكبوتية، وظل هناك من يرى أن المسالمة لا تصلح لهذا المنصب. بالطبع، لم تكن المهمة سهلةً على سميرة المسالمة، أول رئيسة تحرير في سوريا. فما إن تسلمت دفّة صحيفة «تشرين»، حتى بدأت الردود على افتتاحياتها وانهالت الاتّهامات عليها: من تشجيع التطبيع إلى... السلفيّة. وخلال توليها منصبها، أصدرت الصحافية مجموعة من الملاحق التابعة للجريدة، منها الملحق الرياضي، والاقتصادي وملحق الدراما، والملحق الثقافي. وكانت المسالمة الحاصلة على إجازة في الأدب العربي قد بدأت حياتها المهنية في جريدة «المسيرة» التابعة لاتحاد شبيبة الثورة عام 1991، ومن ثم انتقلت إلى «وكالة الأنباء السورية» (سانا)، ثمّ عملت في جريدة «الثورة» الرسمية، قبل أن تنتقل إلى العمل في الإعلام الخاص وشغلت منصب مديرة تحرير صحيفتين خاصتين.
ورغم تلك الحملات، فضلت الجهات الرسمية أن تبقيها رئيسة تحرير لاختبار كفاءتها. وبالفعل، وقفت المسالمة إلى جانب النظام وتبنّت روايته في هذه الأزمة، وظهرت مرات عدة على الشاشات من دون أن تثير إطلالاتها أي مشاكل. لكن في اليوم نفسه الذي ظهرت فيه على تلفزيون «الجزيرة»، كانت المسالمة قد ظهرت على إحدى المحطات الإخبارية لتحكي عما يحدث في درعا. وبعدما انتهت، تلقت المحطة ذاتها اتصالاً من أحد المواطنين السوريين، قال إنّه ابن عمها واتهمها بالكذب وبالتحول إلى بوق للسلطة. لكن في ظهورها الثاني على المحطة القطرية، خرجت المسالمة بعفوية لتحكي عما يحصل من مجازر في مسقط رأسها مدينة درعا، فكانت النتيجة قراراً عاجلاً لا يحتمل أي نقاش...



قلب الموازين

بعد تكليف وزير الزراعة السوري السابق عادل سفر، تأليف الحكومة السورية الجديدة، تناقلت أخبار عديدة إمكان أن تكون سميرة المسالمة واحدة من الأسماء المتداولة ضمن قائمة الحكومة الجديدة. وأفادت تلك الأنباء بإمكان تسلم المسالمة حقيبة الشؤون الاجتماعية والعمل خلفاً لديالا الحاج عارف. لكن النتيجة جاءت عكس كل التوقعات؛ إذ قلبت مداخلتها التلفزيونية على «الجزيرة» كل الموازين. هكذا، تسلّم منصبها منير الوادي الذي سبق أن صوّت مجلس الشعب على طرده من عمله بسبب نشر مقال عن قانون حل التشابكات المالية، حيث انتقد فيه عمل هذا المجلس. لكن القرار طوي واكتُفي باعتذار الجريدة من المجلس، وهو ما حصل فعلاً.