لا يطمح «مهرجان فريبورغ السينمائي الدولي» في سويسرا إلى منافسة «مهرجان لوكارنو» على صعيد الشهرة، بقدر ما يبتغي الحفاظ على خصوصيته. تمتاز هذه التظاهرة بانشغالها بأهم إنتاجات «الفنّ السابع» في الدول النامية، إلّا أنّ الدورة الـ 25 التي اختُتمت أخيراً، كانت غير منصفة في المساحة التي أعطتها للفيلم العربي. اقتصرت المشاركة العربية في المسابقة الرسمية على «صداع» للمخرج الفلسطيني رائد أنضوني، كما مثلّ الفيلم الجزائري «قاراقوز» لعبد النور زحزاح السينما العربية في مسابقة الأفلام القصيرة. في المناقشة التي أعقبت العرض الثاني لـ «صداع»، قال رائد أنضوني «إنّ الأسئلة التي يطرحها الفيلم، قد تكون مؤلمة للجمهور الفلسطيني، نظراً إلى ارتباطها الوثيق بالعمق بتجاربه الحياتية». وعن إمكان عرض الفيلم في «إسرائيل»، قال المخرج الشاب: «لا أريد أن يكون الاحتلال شريكاً ثقافياً لي، لأنّ الشراكة تحتاج إلى تساوي الطرفين، وأنا أرفض علاقة العبد بالسيد».
من جهتها، شاركت إيران بفيلمين هما «بيت تحت الماء» لسبيده فارسي، و«الرجاء عدم الإزعاج» لمحسن عبد الوهاب... ولا يبدو حضور الفيلم الثاني في المسابقة مقنعاً، فهو على قدر من السطحية يجعله أقرب إلى السينما التجارية. جائزة «الرؤية الذهبية» كانت من نصيب شريط «شِعْر» (أفضل سيناريو ـــــ كان 2010) للسينمائي الكوري الجنوبي لي شانغ ـــــ دونغ. بطلة العمل إمرأة ستينية تبوء جميع محاولاتها لكتابة قصيدة بالفشل... تواجه تلك السيدة ظروفاً قاسية، مع اكتشاف تورّط حفيدها في جريمة اغتصاب جماعي. لا تريد البطلة أن تصير شاعرة، كلّ ما تسعى إليه هو كتابة تلك القصيدة... هذا ما يؤكّده المخرج حين يقدم الشعراء كشخصيات مهزوزة وغير مقنعة.
تنافَس «شِعْر» مع 11 فيلماً على جائزة «الرؤيا الذهبية»، منها «خريف» للهندي عامر بشير. يبدو أنّه لا نهاية للخريف في كشمير، الموت حاضر في كل مكان، وثمّة برميل بارود ينتظر الانفجار. يستخدم «خريف» النظرة الواقعية والهلوسة في آن واحد، خالقاً بذلك جواً خانقاً يحكم بلداً مشطوراً، يواصل منذ سنوات سحق تطلّعات الجيل الشاب.
كارثة زلزال اليابان الأخيرة جعلت اهتمام الجمهور ينصبُّ على فيلمين يتناولان الآثار الفجائعية للكوارث الطبيعية. الفيلم الصيني «بعد الصدمة» لـفنغ اكزياوغانغ يتناول الكوارث في إطار عام. أما سبيده فارسي، فتقصت المعاناة التي تلازم الفرد بعد سنوات على وقوع حادثة غرق مأساوية. وقد تلقّف الجمهور السويسري فيلم السينمائية الإيرانية «بيت تحت الماء» باهتمام. وقالت فارسي لـ «الأخبار» إنّها أرادت مزج الواقعي بالمتخيّل، استناداً إلى الشاعر والقاص الإيراني بيجن نجدي، الذي اقتبست سيناريو الفيلم عن أحد نصوصه.
www.fiff.ch/en