صنعاء| لم يكن الصحافيّون اليمينّون الشباب بحاجة إلى مجزرة إضافية كي يتبرأوا من الإعلام الرسمي الذي يعملون فيه. وهو الإعلام نفسه الذي اعتمد منذ انطلاق الثورة على تشويه صورة الشباب المحتجّين، وقلب الحقائق والأدوار من خلال تصوير الثوار مجموعةً من «البلطجية» هدفها الوحيد «زعزعة الأمن والاستقرار والسكينة التي ينعم بها الوطن».هكذا قال هؤلاء الصحافيون الشباب كلمتهم، فأصدر العاملون في جريدة «الثورة» الرسمية بياناً تبرّأوا من «هذه التصرفات المنافية لأخلاقيات المهنة ودور الإعلام الرسمي الذي يجب أن يتّخذ موقفاً حيادياً، ومهنيّاً بعيداً عن التلفيق والتضليل الذي اتسمت به أجهزة الدولة منذ زمن بعيد... لكنه اتخذ اليوم مساراً أكثر فجاجة». كذلك لم يتردّد العاملون في مؤسسة «الجمهورية» (الصادرة في مدينة تعزّ) في انتقاد «الدور الأسود» الذي تؤديه جريدتهم هذه الأيام، ويقترب من «أن يكون شريكاً في أعمال العنف التي تمارَس ضد الشباب المعتصمين بل يتجاوزها بسبب دوره التحريضي». وانسحبت هذه اللهجة الغاضبة على الصحافيين في «وكالة الأنباء اليمنية ـــــ سبأ». وسخر هؤلاء من المسؤولين عن الإعلام الرسمي الذي «يستخدم المال العام للنيل من ثورة شباب أرادوا الكرامة والحرية لبلدهم». ولا شكّ في أنّ أهمية كل هذه البيانات أنها صدرت قبل سقوط نظام علي عبد الله صالح.
أمّا قادة الإعلام اليمني الرسمي ومهندسوه، فلم يتجرأوا على إعلان براءتهم من البروباغندا الحكومية إلا بعد ارتكاب النظام للمجازر الدموية وأبرزها نهاية الأسبوع الماضي، فقدموا استقالاتهم من مناصبهم. هكذا قدّم مدير تحرير جريدة «الثورة» عبد الرحمن بجاش استقالته بعد مجزرة «جمعة الإنذار» التي خلّفت 52 قتيلاً، وكتب في بيان استقالته «لا أستطيع أن أكتب ودماء الشباب تسفك في الشوارع».
كذلك فعل رئيس مجلس إدارة «سبأ» نصر طه مصطفى، فاستقال لكن بصمت، فيما كانت استقالة رئيس تحرير «الجمهورية» سمير اليوسفي مفاجأة كبيرة إذ كان قد كتب افتتاحية قبل يومين من استقالته سخر فيها من أولئك الذين «تنكّروا للرئيس بعدما نالهم من عطاياه الكثير». لكن يبدو أنّ مجزرة الجمعة الماضي دفعت صحافيي السلطة إلى إعلان براءتهم من رئيس لا يتردّد في قتل أبناء شعبه.
من جهة أخرى، لا تزال قناة «الجزيرة» تعاني ممارسات النظام التعسفية، فبعدما اتهمت السلطة مراسلي الفضائية القطرية في صنعاء بـ«العمالة وخيانة الوطن من أجل حفنة دولارات»، هجم أكثر من عشرين مسلحاً ملثماً على مكتب المحطّة في ساعة مبكرة من فجر أول من أمس وسرقوا بعض الأجهزة التابعة للمكتب. كل ذلك فيما كانت دورية للشرطة تقف بالقرب المكان تراقب المشهد بصمت... مريب.