القاهرة | «الشعب يريد تطهير الإعلام» شعار بات معظم العاملين في الوسط الصحافي والسينمائي في مصر يردّدونه. أيقن هؤلاء أخيراً أن «ثورة 25 يناير» التي أطاحت حسني مبارك، تتعرّض لمحاولات إجهاض من جانب مناصري النظام السابق المنتشرين داخل المؤسسات الإعلامية والفنية في مصر.وفي وقت تتواصل فيه الاعتصامات المطالبة بتغيير كل رؤساء القطاعات في «التلفزيون المصري»، وفي مقدمتهم مدير «مركز أخبار مصر» عبد اللطيف المناوي،

فوجئ السينمائيون المصريون بعودة أشرف زكي إلى الأضواء. بعدما عُدّ هذا الأخير، الخاسر الأكبر داخل الوسط الفني منذ سقوط نظام مبارك، أكد الرجل قبل أيام أنه لن يغادر الساحة بسهولة. ورغم أنه استقال من موقعه كنقيب للممثلين، ولم يتسنّ له الوقت لتسلّم مهمته نائباً لوزير الإعلام لشؤون الدراما، عاد أخيراً مديراً لجهاز السينما التابع لـ«مدينة الإنتاج الإعلامي»، وهي الجهة الحكومية الوحيدة التي تموّل إنتاج الأفلام السينمائية.
هكذا تسلّم زكي أخيراً المنصب الذي شغله سابقاً ممدوح الليثي لثماني سنوات، قبل أن يرحل تحت ضغط الثوار، ليحلّ مكانه لفترة مؤقتة الناقد المخضرم يوسف شريف رزق الله، الذي لم يبق في منصبه أكثر من 15 يوماً. وطبعاً، مثّل وصول زكي إلى إدارة جهاز السينما مفاجأة لجميع العاملين فيه، وخصوصاً أن الرجل لا يملك أي خبرة في مجال الإنتاج السينمائي، بما أنه أساساً مخرج مسرحي وأدواره السينمائية محدودة جداً، وهو ما يجعل معرفته بهذه الصناعة محدودة وغير كافية. وقد بدأ السينمائيون الرافضون توليه المنصب حركة احتجاج واسعة على هذ القرار، لكن الصورة تبدو مختلفة داخل الجهاز. يظهر أن قسماً من الموظفين رحّب بوصول زكي إلى هذا المنصب، وهو الرجل المشهور بكرمه مع الموظفين العاملين معه، وبالتالي لن يتوقف هؤلاء كثيراً أمام الانتقادات التي تطاول الجهل السينمائي لزكي، أو الانتقادات التي تشوب أداءه المهني في أحيان كثيرة. كذلك يبدو أن الموظفين غير مهتمّين ـــــ أقله حتى الساعة ـــــ بتغيير نوعية المديرين في مرحلة ما بعد الثورة.
ولفت المخرج الكبير محمد خان إلى أهمية تقسيم الجهاز نفسه إلى إدارتين: الأولى تختصّ بالإنتاج، ويجب أن يتولاها منتج صاحب خبرة يمزج بين أفلام تحقق الربح وترتقي بالذوق العام في الوقت نفسه. أما الثانية، فهي إدارة للمعامل والبلاتوهات التي يجب تحسين أدائها لكونها مملوكة من الدولة، وقد تراجع اهتمامها بصناعة السينما خلال عهد مبارك. وكان خان قد قدّم من إنتاج الجهاز، واحداً من أبرز أفلامه هو «في شقة مصر الجديدة».
هل تنجح اعتراضات السينمائيين في إطاحة زكي قريباً أو على الأقل تجبره على تطبيق خطط تناسب مصر بعد الثورة؟ أم يتأكد للجميع أن الثورة لم تنجح حتى الآن في إسقاط كل أركان النظام؟ يبدو أن الجواب سيحتاج إلى فترة أطول مما تخيّلها ثوار ميدان التحرير.