دمشق | منذ عام 2008 حتى اليوم، يشهد قطاع الدراما في سوريا تراجعاً ملحوظاً. انخفض عدد المسلسلات الرمضانية من 31 عملاً (2008)، إلى حوالى 18 في عام 2010. أما هذه السنة، فلم يتجاوز عدد الأعمال التي بدأ تصويرها حتى الآن 12 مسلسلاً، مما ينذر بتراجع درامي كبير لناحية الكمّ. مع ذلك، لا تزال «شركة عاج» تحافظ على شراكتها مع تلفزيون «دبي»، فيقدمان في الموسم الرمضاني مسلسل «دليلة والزيبق».
كذلك يعود سامر المصري إلى تعاونه مع «روتانا خليجية» ليقدم الجزء الثاني من «أبو جانتي... ملك التاكسي»، أيضاً، تمكّن الممثِّل فراس إبراهيم من تأمين ممولين من خارج سوريا لمسلسله «في حضرة الغياب» الذي يروي سيرة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. ويرجّح أن ينفّذ بسام الملا مسلسلاً شامياً هو «خان الشكر» لمصلحة مجموعة mbc. مع ذلك، لا شكّ في أن الدراما السورية في مأزق صعب بعدما بدأ بعض المنتجين بالعزوف عنها.
والمؤكد حتى الساعة أنّ تراجع الإنتاج على مستوى الكمية، يأتي كنتيجة منطقية لزوال بعض الشراكات بين المنتج السوري والمنتج الخليجي. ويبدو أن هذا الأخير بدأ يركز اهتمامه على دراما بلاده التي تسجل تطوراً ولو بطيئاً، ويبتعد عن المسلسلات السورية «التي تنفّذ خطط المنتج الخليجي فقط لا غير» كما سبق أن صرّح المنتج والممثل حسن عسيري، الذي يُعدّ أحد أبرز الممولين السعوديين. أمام هذا الواقع، اتخذت الحكومة السورية قراراً صائباً بإنشاء مؤسسة عامّة للإنتاج التلفزيوني، وخصوصاً أن هذه المؤسسة تعمل بميزانية كبيرة ورأس مال يخوّلها إنجاز مجموعة كبيرة من المسلسلات. وقد أعلنت نيّتها إنتاج خمسة أعمال لتتفوق بذلك على «شركة سوريا الدولية» التي تنتج هذا العام أربعة أعمال فقط، لكن يبدو أن العوائق البيروقراطية تؤخّر عمل المؤسسة التي لم تعلن سوى أمس إطلاق أول مسلسل لها سيخرجه أحمد إبراهيم أحمد بعنوان «سوق الورق»، وهو يضيء على نمط حياة الطلاب والفساد في قطاع التعليم الجامعي الرسمي.
من جهتها، أنجزت «شركة بانة» مسلسلها الأول «تعب المشوار» لفادي قوشقجي وسيف الدين السبيعي بمال سوري خالص، دون الكشف عن الجهة التي ستشتري العمل، وها هي تستعدّ لتصوير جزء ثالث من مسلسلها الكوميدي «صبايا» رغم تعرضه لانتقادات عدة في الموسم الفائت.
الأمر نفسه ينطبق على «شركة كلاكيت» التي تنتج هذا العام «الولادة من الخاصرة» للكاتب سامر رضوان والمخرجة رشا شربتجي، إلى جانب المسلسل الخفيف «شوكولا». أما «شركة قبنض» فتموّل «مرايا 2011»، بينما ينتج محمود المصري مسلسل «صايعين ضايعين». كذلك تعود «غولدن لاين» إلى الدراما الشامية مع الجزء الثاني من «الدبور»، لتستمر «سوريا الدولية» في إنتاج أعمالها بأموال سورية.
وفي الوقت نفسه، يرى كثيرون أن «ثورة 25 يناير» ستؤدي إلى إيقاف تصوير الأعمال المصرية، وبالتالي بإمكان المنتجين السوريين الاستفادة من ذلك للترويج لأعمالهم، والتحكم في سعر المسلسل السوري المطلوب بكثرة في المحطات العربية، ورفع أسعار إنتاجاتهم لتصبح قريبة من أسعار المسلسلات المصرية، لكن يبدو أن ذلك لن يحصل. على العكس، يؤكد قسم كبير من المراقبين أنّ ثورة النيل ستفتح الباب واسعاً أمام المنتجين والمخرجين المصريين لتنفيذ أعمال تتناول هذه الأحداث بالذات. حتى إن هذه الظاهرة وصلت إلى سوريا، وأول المستفيدين منها هو الكوميديان السوري ياسر العظمة، الذي يقدم في «مرايا 2011» لوحات كوميدية ناقدة ستتناول الثورتَين المصرية والتونسية.