دمشق | تمثّل فرقة «التخت الشرقي النسائي» حالة فريدة في فسيفساء الفرق الموسيقية السورية، لكونها انطلقت في عام 2003 بمبادرة من مجموعة متخرجات المعهد العالي للموسيقى في دمشق وطالباته، ثم بدأن العمل على إحياء تقاليد الغناء والعزف الآلي الموسيقي الكلاسيكي الذي يعود تاريخه إلى عصر الخليفة العباسي هارون الرشيد. الأمسية الدمشقية التي أقامتها الفرقة في دار الأوبرا أمس، جاءت احتفالاً بيوم المرأة العالمي، وقد اختارت لها عنواناً عريضاً هو «تحيّة من دمشق إلى نساء فلسطين».
وقد تضمّن البرنامج عدداً من الأغنيات التراثية الفلسطينية مثل «رمانك يا حبيبي»، وموّال «يما ويل الهوا». إضافة إلى عدد من الأغاني الوطنية الأخرى مثل «يا فلسطينية» للشيخ إمام، و«بكوخنا يبني» لفيروز، و«الأرض بتتكلم عربي» للسيّد مكاوي...
وكغيرها من الفرق الموسيقية السورية، لم تدرك فرقة «التخت الشرقي النسائي» الاستقرار سريعاً. تبدّلات وتغيرّات بالجملة، طرأت باستمرار على عناصر الفرقة لأسباب مختلفة، أهمّها الظروف والالتزامات الحياتية التي تعانيها المرأة في المجتمع الشرقي. لكنّ التزام ثلاث من الموسيقيات المؤسِّسات للتخت (وفاء سفر، وخصاب خالد، وسيلفي سليمان) كان كفيلاً بإيصال الفرقة إلى شاطئ الأمان، وحفاظها على الغاية التي قامت من أجلها.
الغالبية العظمى منهن متزوجات ولديهن أطفال، لكنّ هذا لم يكن عائقاً أمام الاستمرار قدماً في المشروع، خصوصاً أنّ أزواجهنّ «متفهّمون لطبيعة عملنا، ويتعاونون معنا إلى أبعد الحدود. وهم من محبّي الموسيقى ومتذوّقيها، وهذا ما أعطانا حافزاً على الاستمرار وعدم النظر إلى الوراء» وفق ما تتفق عليه عضوات الفرقة.
موسيقياً، لم تقف الفرقة عند الحدود الكلاسيكية التاريخية التي تحدّد التخت الشرقي بأربع آلات موسيقية فقط (القانون، والعود، والناي والإيقاع) بل أضفن إليها ما وجدنه مناسباً، من الآلات الوترية الغربية الأخرى مثل الكمان والتشيلو، والكونترباص.
هذه التوليفة بين الآلات ليست ثابتة دوماً، بل تتبدّل وفق ما يفرضه برنامج كل أمسية، إذ تقول عضوات الفرقة «نعمل دائماً على توسيع كتلة الصوت الموسيقي قدر المستطاع، ولا مانع من إدخال آلات جديدة في المستقبل، لكن شرط أن تكون مطواعة لطبيعة الموسيقى الشرقية، وبنية التخت الشرقي خاصة».
مع حفلتها الدمشقية التي ترفع عدد أمسياتها إلى 35 في مختلف البلدان، تواصل فرقة «التخت الشرقي النسائي» مشوارها الذي يتضمّن جولات ستقوم بها في العديد من المدن في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في الصيف المقبل.