كاهن الغرابة والتجريب


«مدرسة بيروت للمسرح الحديث» التي أسّسها عام 1960، بدعم من «لجنة مهرجانات بعلبك»، صارت من المعالم التأسيسيّة في تاريخ الخشبة اللبنانية. أطلق منير أبو دبس أولى المحاولات الجديّة نحو مسرح احترافي، ولم يخرج حتّى اليوم من عباءة التجريب. يصف أنسي الحاج مسرحه بمسرح العالم الداخلي والغرابة. نادراً ما يغادر هذا الناسك صومعته في بلدة الفريكة الجبلية. هناك التقته غنى ضو وجهاد مرحبا من شباب «مهرجان 50 يوماً/ 50 سنة» ليصوّرا محترفاً مسرحياً بقيادته، سيعرض في 16 نيسان (أبريل).

الأب المؤسس



عام 1963، انفصل أنطوان ملتقى عن منير أبو دبس لتأسيس «حلقة المسرح اللبناني» إلى جانب رفيقة دربه لطيفة. عمل الثنائي بداية في المسرح الاختباري، ويعود لأنطوان الفضل في تأسيس قسم المسرح في «معهد الفنون الجميلة» عام 1965. إلى جانب مسرحيّات «ماكبث» و«ضاعت الطاسة»، حقّق الثنائي للتلفزيون مسلسل «عشرة عبيد زغار» الشهير. من التماثيل العشرة، بقي اثنان، سيعرضان إلى جانب عناصر ديكور من مسرحهما، كذلك سيبث في 12 آذار (مارس) فيلم أنجزه عبدو النوار، وساسين كوزلي، وطوني خوري عن مسيرتهما.


الأكاديمي ممسرح الأدب



حمل يعقوب الشدراوي من معهد الفن المسرحي في موسكو تقاليد إخراجية صارمة، ووجد في نبرة محمد الماغوط الساخرة ضالّته. منذ تقديمه «المهرج» عام 1971، صار حديث الصالونات الأدبية، وأتبعها بـ«سمكة السلور»، و«الأمير الأحمر» وغيرها... المسرحي الأقرب إلى الأكاديميّة حمل الأدب والأدباء إلى الخشبة: سيرك الحياة (مارون عبود، جبران، الطيّب صالح...)، وعرف بعمله الدؤوب على الممثل. سنتعرّف إلى بعض عوالمه من خلال فيلم أعدّه جاد حكواتي، ورؤى بزيع، وعلي بيضون، في 9 نيسان (أبريل) المقبل.


شاعر العبث واللامعقول



أعلنت باكورته «لتمُت ديسدمونه» ولادة مسرحي كبير، وقد قدّم على امتداد مسيرته أعمالاً أساسيّة في تاريخ المسرح العربي. ريمون جبارة ممثل وكاتب ومخرج «عبثي التكوين»، هو الابن الرهيب للمسرح اللبناني. عمل إلى جانب منير أبو دبس، ثمّ انضمّ إلى أنطوان ملتقى، قبل أن يستقلّ بتجريته الخاصة، فيؤلف أعمالاً ويخرجها ويدرّس المسرح في «الجامعة اللبنانية». يحتفل «دوار الشمس» بهذا المخرج الساخر والغزير، في 26 آذار (مارس) ، من خلال فيلم مصور معه أنجزه سيريل باسيل وجهاد مرحبا.


فيلسوف الشعب



كان أكثر من مغنّ، شاعراً ومونولوجيستاً. إنّه الفنّان الشعبي بامتياز، حمل هموم الناس، وعبّر عن معاناتهم الاجتماعية والسياسية. توفي عمر الزعني عام 1961، معلناً نهاية عصر وبداية آخر، ومخلّفاً إرثاً يضمّ أكثر من ألف أغنية انتقادية. فيلسوف الشعب يعود بعد نصف قرن من خلال فيلم بعنوان «عمر» وقّعه المخرج الشاب سمير يوسف. يتتبع العمل أبرز المحطّات في سيرته، وأثره في الحركة الفنية في الخمسينيات. يعرض الفيديو عند السابعة من مساء 20 و21 آذار (مارس) الجاري.



الحكواتي والعراب



لا يقتصر إنجاز روجيه عسّاف على الأعمال التي قدّمها خلال مسيرته الحافلة من «محترف بيروت للمسرح» (1968) إلى «مسرح الحكواتي» (1979)، ولا على تنظيراته لمسرح بديل قائم على الذاكرة الجمعيّة. صاحب «أيام الخيام» هو قبل كل شيء المعلّم الذي خرّج أجيالاً من المبدعين، في محترفه الذي أراده مدرسة ثقافيّة ووطنيّة وإنسانيّة. وهو اليوم عرّاب «مهرجان 50 يوماً/ 50 سنة» الذي يبادر إلى تكريم الرواد ووضعهم في مواجهة الشباب، في إطار جمعيّة «شمس» ومسرح «دوّار الشمس» مع رفيقة دربه حنان الحاج علي.