القاهرة| ترك المتحدثون الحكوميون المصريون ما يحدث في الشارع، وركزوا على أنّ قناة «الجزيرة» هي التي تحرّض الناس على مواصلة العصيان. بعد إغلاق مكتبها في القاهرة، سرعان ما ردّت القناة القطرية أمس بلقطات تظهر الوحشية التي تعاملت بها الشرطة المصرية مع المتظاهرين يوم الجمعة الماضي (راجع ص 17). وما بين المشهدين، اتخذت كل قناة موقفها من الثورة المصرية وفق اتجاهاتها السياسية.
التلفزيون المصري الذي تعامل مع الأحداث ببرود حتى مساء الجمعة، دخل أتون المعركة مرغماً بعدما بدأت عمليات السلب والنهب تطال المواطنين والمحال التجارية بدءاً من منتصف ليل السبت. إذ كان قد اكتفى في البداية بتلقي بلاغات الاستغاثة قبل أن يتأكد بوضوح أن وزير الإعلام المصري أنس الفقي لن يغادر موقعه حتى بعد إقالة الحكومة، وأن سياسة النظام الإعلامية ـــ حتى لو لم توجّه إدانات مباشرة إلى المتظاهرين ـــ ستعمل على فك الارتباط بينهم وبين المصريين في البيوت. وستحقّق ذلك عبر التأكيد أن ما يتعرّضون له من سلب ونهب سببه المباشر استمرار التظاهرات، وبالتالي عجز الجيش عن ضبط الشارع بسهولة. وجاء قرار إغلاق مكتب «الجزيرة» ليؤكد أنّ النظام ووزير الإعلام يدركان أنّ المعركة لا تزال طويلة، وأنّ التعتيم الإعلامي سيظل سلاحاً فعالاً لضمان الاستمرار لأطول فترة ممكنة. واللافت أنّ اتهامات المحللين الحكوميين لم تقتصر على «الجزيرة» فقط. فقد طاولت هذه الاتهامات «بي. بي. سي.» أحياناً، لكنّ التضييق عليها لم يكن وارداً بالطبع. وحتى قناة «الحرة» بثت أخباراً تبين عدم دقتها بعد ذلك. لكن المواجهة المباشرة كانت مع «الجزيرة» بسبب شعبيتها الكبيرة في مصر من جهة، ولأنّ «الجزيرة مباشر» فتحت الهواء طوال الوقت للغاضبين من سياسة الرئيس مبارك وإصراره على البقاء.
وكما أجمع كثيرون على أنّ الانفلات الأمني كان يهدف إلى تخيير المصريين بين الحرية والأمن، استفادت القنوات المصرية الخاصة من هذا الموقف لتركز تغطيتها على عودة الأمان إلى الشارع المصري، وعدم الدخول في المناطق السياسية الشائكة. وبينما كانت منى الشاذلي تتوقع عدم عودتها إلى الشاشة بعد حلقة يوم الأربعاء الماضي («الأخبار»، 28 ك2/ يناير)، أطلّت أمس من جديد على قناة «دريم» لتواصل انتقاد موقف الحكومة الجديدة. وبعد هجوم عنيف على «الجزيرة» في حلقة أمس من برنامجه «48 ساعة»، أعلن مذيع قناة «المحور» سيد علي أن القناة وبرامجها مع الشرعية وضد التخريب. بينما واصلت قناة «أون تي في» تقديم تغطية إخبارية تعتمد على القصص الإنسانية ودور الناس في الدفاع عن أرواحهم، مع تكرار نفي هروب مالك القناة نجيب ساويرس خارج مصر. فيما حشدت قناة «الحياة» ستة مذيعين لتقديم تغطية يومية جمعت بين التحليلات السياسية والتوعية الإعلامية لكيفية تعامل المواطنين مع الجيش والشرطة. لكن الحدث الأبرز في هذه التغطية كان عودة عمرو أديب إلى تقديم البرامج على شاشة «الحياة» منتقداً الحكومة. هو الذي غاب عن الجمهور منذ أيلول (سبتمبر) الماضي عندما بدأت الحكومة المصرية تستبعد كل الأصوات التي كان يتوقع أن تنتقد الانتخابات البرلمانية التي جرت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي... وكانت نتائجها الشرارة التي أطلقت ثورة الغضب المصرية. مع ذلك، خلت كل القنوات المصرية الخاصة من انتقاد واحد لـ... «الريّس»!


مفاجأة الموسم

فاجأ رجل الأعمال نجيب ساويرس (الصورة) الجميع في تصريحه الأخير، بعدما أعلن أن «التطورات الأخيرة في البلاد هي خير لمصر». ولم يتوقّع أحد هذا التصريح من المليونير المصري المشهور بعلاقته الجيدة مع نظام الرئيس حسني مبارك.