يوم الجمعة الماضي، فيما كان نظام حسني مبارك يصدر أوامره بقطع جميع وسائل الاتصال داخل مصر، كانت قوات الأمن تستعدّ للانقضاض على المتظاهرين المصريين في شوارع القاهرة، وتحديداً في «قصر النيل». أمس وصلتنا الصورة، عبر الشريط الذي عرضته قناة «الجزيرة» وموقع «المصري اليوم»: آلاف المحتجّين يواجهون الرصاص الحيّ، وآليات الشرطة التي حاولت قتلهم، وخراطيم المياه الموجّهة إليهم، ولا يتراجعون. تقترب منهم الشاحنات العسكرية، فيتصدّون لها ويرشقونها بالحجارة، ثم يتابعون هتافاتهم المطالبة بإسقاط النظام. لم تنجح إذاً خطة السلطة في عزل مصر عن العالم، وفَضَح الإعلام (مجدداً) فظاعة الجرائم التي ارتكبتها الشرطة في شوارع القاهرة، قبل أن تنسحب نهائياً مخليةً الساحات، ومخلّفةً وراءها مئات الشهداء، وآلاف الجرحى والمفقودين...
هكذا بعد أربعة أيام خرج الشريط إلى العلن، من دون أن تفقد الصورة قدرتها على التأثير على الرأي العام، وإن تراجعت وظيفتها الفوريّة، التعبويّة، الحدثيّة في إطلاع المشاهد مباشرة على أداء «أمن» مبارك قبل انسحابه لمصلحة الجيش. يبقى تأثير مشاهد العنف كاملاً على المتلقّي، إضافة إلى قيمتها الأرشيفيّة والوثائقيّة: فتلك الصور التي ستبقى في ذاكرة العالم، تختصر الوجه الحقيقي لنظام مبارك عند لحظة بدء انهياره.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن موقع «المصري اليوم» كان قد عرض هذا الشريط (تصوير نورا يونس، وإخراج محمود متولّي) على موقعه الإلكتروني وعلى موقع «يوتيوب» منذ ليل أول من أمس، لتعود قناة «الجزيرة» فتمنحه حياةً ثانية، عبر بثّه أمس طيلة النهار (من دون ذكر واضح لمصدره).



علمت «الأخبار» أن إدارة قناة «الجزيرة» شدّدت الحماية على مقرّها في الدوحة تخوّفاً من أيّ هجمات أو اعتداءات محتملة