لم يكن العنف قد بلغ أوجه في دمشق عندما قرّر الشاب علاء أن يتجه إلى «سوق الهال» المخصص لبيع الخضار في منطقة الزبلطاني في العاصمة السورية. أثناء تواجده هناك، هطل الرصاص على السوق، ولم يستطع الاختباء مثلما فعل الكل. اخترقت جسده رصاصة وحالفه القدر بأنها توقفت عند حدود قلبه. بعدما أخرجها الأطباء، أخبره اختصاصيون عسكريون بأنّ الرصاصة إسرائيلية الصنع!
قوبلت روايته تلك بسخرية أبناء قريته! وإن بقيت تلك الرواية غير موثقة، واعتُبر ظهور عضو المجلس الوطني السوري بسمة قضماني على التلفزيون الاسرائيلي وجهة نظر شخصية، إلا أنّ حدثاً مختلفاً حصل مساء الاثنين الماضي يكشف بالدليل القاطع وصول موجة «الثورة» السورية إلى الأثير الاسرائيلي. مساء الاثنين، كان الجمهور الإسرائيلي المتابع للقناة الثانية على موعد مع وثائقي صوِّر في سوريا ووثق شهادات حية بعدسة صحافيين إسرائيليين، هما إيتاي أنغل وأمير تيبون. دخل الأخيران الأراضي السورية عن طريق التهريب من الحدود التركية، ثم وصلا إدلب وجالا فيها وفي ريفها بدعم «الجيش الحرّ» وحمايته. وقد عرض الوثائقي ضمن برنامج «عوفدا». وأفاد أنغل (الذي سبق له دخول درعا ــ «الأخبار» 20/3/2012) أنه دخل لمعرفة تفاصيل العراك الدائر، والوجوه التي ستتسلم السلطة بعد نظام بشار الأسد، ووجهة نظر المعارضة التي باتت تسيطر على جزء كبير من محافظة إدلب وريفها تجاه اسرائيل. خلال زيارته للمكان ولقائه الناس، لمس قناعتهم بأن بشائر النصر قد لاحت في الأفق. فيما أبرزت شهادات السوريين في الوثائقي بأنّهم لا يخشون ظهورهم على الشاشات الإسرائيلية، وذهب أحد المسلحين أبعد من ذلك عندما قال إنّه لو عاد أرييل شارون وقرر إسقاط النظام، لتعاون معه شخصياً. هذا التصريح اعتبره أنغل من أجرأ التعليقات التي تخللها الشريط. لكن صاحب الشهادة تلك عرّف عن نفسه باسم «أبو فادي» من دون أن يدير وجهه للكاميرا خشية من النظام. استمرّت لقاءات الوثائقي ووصلت إلى بعض الجنود الذين انشقوا عن الجيش السوري.
التقرير تجاهلته وسائل إعلامية عدة بينما أثارت حفيظة قلة منها على رأسها «المنار». وفي الوقت الذي يعتبر فيه بعض الناشطين السوريين بأنّ ذلك خيانة عظمى، لا يليق بسلوك أي معارضة شريفة، لا يستغرب المتحدث باسم «هيئة التنسيق السورية» منذر خدام لـ «الأخبار» أن يحدث ذلك. ويضيف أنّه لا يملك وثائق دامغة حول حصول ذلك «لكنّ الأشخاص المنتمين للمعارضة المسلحة ليسوا ملائكة، وقد تستثمر أي جهة تدعي صداقتها مع الشعب السوري ذلك وتلعب على هذا الوتر». وأثناء حديثها مع «الأخبار»، تبدي السيناريست المعارضة ريما فليحان غضباً واستياء شديدين، معتبرة بأنّ الخطوة وضيعة والتصريح بخصوص شارون ينم عن غباء شديد. وأضافت أنّ «مَن ساعد الاسرائيلي في دخول الأراضي السورية هو متواطئ معه ويريد تدنيس الثورة، وسيبقى الاسرائيلي عدواً للشعب السوري وكيانه مغتصباً لأراضيه». مهما تباينت وجهات النظر، فإنّ صورة المشهد السوري تبلغ ذروة التشويه بعد تسجيل الإعلام الإسرائيلي حضوره. بعد موسم الخسارات والخيبات المتلاحقة، ترى أي نصر ذاك الذي سيتحقق؟!