تتحفظ غالبية المخرجين السوريين المناصرين للثورة عن الإدلاء بآرائهم بخصوص استبعاد الأفلام السورية عن مهرجاني «القاهرة» و«دبي». بعضهم يتهرّب من التصريح لـ «الأخبار» لأنّهم يعتبرونها «موالية للنظام» لكنّهم لا يجدون حرجاً في الإدلاء بمطولات لمحطات اشتهرت بلغة التحريض منذ انطلاق «الربيع العربي».
المخرج المعارض هيثم حقي رفض التعليق حول سحب الأفلام من المهرجانين، بينما لم تجد اتصالاتنا المتكررة بالمخرج الشاب نضال حسن جواباً. علماً أنّه كان أحد المتضررين المباشرين بعد اعتقاله وفصله من عمله في «مؤسسة السينما» («الأخبار» 9/11/2011 ــ 26/7/2012). ورغم مشاركته في «مهرجان دبي» بوثائقي «حكايات حقيقية عن الحب والحياة والموت وأحياناً عن الثورة»، سمعناه سابقاً يقول بأنّ موضوع سحب الأفلام السورية الثلاثة أعمق من مسألة ترويج المهرجان لنفسه بأنّه داعم الثورات. أمّا المخرج المخضرم محمد ملص الذي يعكف حالياً على إنجاز فيلمه الجديد «ناموسينما» في بيروت، فيقول لـ «الأخبار»: «لا أرغب في الحديث عن أي شيء. لا أجد أنه من اللياقة الخوض في تفاصيل مجموعة أفلام منعت في مهرجانات محددة بينما هناك أشخاص يموتون يومياً في سوريا». أما الممثل السوري المعارض جمال سليمان، فيقول لـ«الأخبار»: «سحب الأفلام السورية الثلاثة خطوة إلغائية مرفوضة لأنّها تجعل الفنان يدفع ضريبة الاصطفافات السياسية». في مقابل ذلك، يقول: «لكنّني لا أتفق مع مخرجي الأفلام الثلاثة الذين صمتوا إزاء القمع الذي مورس ضد زملائهم من قبل «مؤسسة السينما»». وما الحل إذاً؟ يجيب: «كنت أفضّل لو تعرض الأفلام، سيما أنّ مضامينها لا تصبّ في مصلحة النظام. وفي موازة العرض، يوزَّع بيان على الحضور يكشف سلوك أصحاب الأفلام التي منعت». وهنا يضرب مثالاً السينمائي الأميركي إيليا كازان الذي تورّط مع المكارثية والوشاية بزملائه الشيوعيين، لكنّ ذلك لم يمنعه من حصد «الأوسكار» مرتين. لكن عند تسلمه الجائزتين، لم يصفّق له أحد. لا يختلف اثنان على أنّ «المؤسسة العامة للسينما» شكّلت أحد وجوه الاستبداد الثقافي من خلال سلوك مديرها محمد الأحمد وتصريحاته ضد نجوم ومخرجين سوريين معروفين، والتعاطي مع المهرجانات كأنّها ملكية خاصة ثم طرد بعض السينمائيين السوريين على خلفية مواقفهم المناهضة للنظام. ها هم العاملون فيها يدفعون اليوم فاتورة تعاونهم مع مؤسسة تحمل صيتاً سيئاً.