ختام مهرجانات الصيف الموسيقية سيكون حارّاً كمهرجاناته الأمنية. الحفل الذي يصفه منظموه في شركة Buzz Productions بأنّه سيكون من أضخم العروض في تاريخ لبنان، سيقدم Red Hot Chili Peppers ضمن جولة ترويجية لألبومها الأخير «أنا معك» (2011). ستحط فرقة الروك الأميركية الليلة في بيروت والعالم العربي للمرة الأولى منذ انطلاقتها عام 1983.
أيلول (سبتمبر) شهر ذو حدثين جماهيريين: التحضيرات تجري على قدم وساق لاستقبال البابا بنيديكتوس السادس عشر في منتصف الشهر الحالي، وللاحتفال الليلة بنقيض تعاليمه مع الفرقة الأميركية الواسعة الشهرة. بدأ بيع البطاقات منذ أكثر من أربعة أشهر ومعه بدأت الدعاية، فالفرقة اعتادت العروض الضخمة منذ التسعينيات، بشروط تقنية بصرية وسمعية كبيرة ودقيقة، وهو ما استعدت له الجهة المنظمة، التي ستعمل مع 200 شخص على الأرض لإنجاح الحفلة، إضافةً الى أربعين تقنياً يطيرون الى بيروت ليرافقوا الفرقة المكونة من أربعة أشخاص، وستمكث أقل من 48 ساعة في لبنان.
استُقدم للأمسية مسرح بارتفاع 25 متراً يُجهّز للمرة الأولى في لبنان بحسب المنظمين، وشاشات عملاقة بحجم 150 متراً مربعاً، تستعمل أيضاً للمرة الأولى، إضافة إلى استعدادات أخرى مهمة على مستوى الشكل والأمن والسلامة في مكان يتسع لعشرين ألف متفرّج. ورغم الكلفة الباهظة والمتوقعة لحدث مماثل، إلا أنّ لبنان نافس إمارة دبي لاستضافة الحفلة وربحَ رغم أن العرض الإماراتي كان أسخى، لكن يبدو أن الفرقة اختارت بيروت، على أن تمرّ بعدها إلى... تل أبيب، ما أثار الجدل ودفع فرقة «مشروع ليلى» إلى الانسحاب من إحياء الجزء الأوّل من حفلة Red Hot Chili Peppers. (الأخبار 4/9/2012 ـــ راجع الصفحة المقابلة).
في العاصمة اللبنانية، لا يعير المنظمون أهمية لما نشهده من أحداث أمنية وسياسية، مبررين بأنّ تلك حال لبنان منذ أكثر من عشرين سنة. الجديد هو الحدث الفني لا الأمني. للفرقة سيرة موسيقية لافتة، تشكّل عصارة ثلاثة أجيال مختلفة في موسيقى الروك منذ الثمانينيات، حصدت خلالها 7 جوائز «غرامي»، ونجحت في التنويع مع كل مرحلة من المراحل الثلاث من دون إسقاط اللون الذي ميزها وصبغ هويتها. واليوم، ستطلّ علينا بحلتها الجديدة، بعدما انضم اليها عازف الغيتار الجديد جوش كلينغوفر، الذي عزف مع الفرقة في جولة ألبوم Stadium Arcadium عام 2006، وقد حلّ محل جون فروسيانتي، إضافة إلى عازف الدرامز تشاد سميث، الذي يرافق الفرقة منذ 1989 والمغني أنثوني كيديز وعازف الباص فلي. وهذان الأخيران هما المؤسسان اللذان استمرا حتى اليوم. يرى أفراد الفرقة أنّ الألبوم الجديد والجولة وانضمام جوش إليهم بمثابة ولادة جديدة لهم، بعدما مرّت خمسة أعوام على آخر إصدار لهم منذ Stadium Arcadium.
ويبدو أنّ حفلة الليلة ستعيد تنشيط السياحة في لبنان، وخصوصاً الخليجية، إذ بلغ عدد الحجوزات من الخارج لمواكبة الفرقة أكثر من 3000 بطاقة معظمها من الدول الخليجية. ويبدو أن الشباب الخليجي سيغض النظر عن نداءات سفاراتهم بعدم زيارة لبنان في الوقت الحالي، وسينصت فقط إلى نداءات كيديز وأنغام فرقته. ويتوقع المنظمون أن يبلغ عدد الحضور 18000 متفرج، لكنّ الجمهور يتوقع من الفرقة أن تنصت إلى نداءاته أيضاً وأن تسير خلف رودجر ووترز، وألفيس كوستيلّو، وغيرهما، ولا تذهب للعزف في تل أبيب (10/9). ولهذا أُطلقت النداءات على الفايسبوك، إضافةً الى الرسائل التي وجهتها «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» (PACBI) و«حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» ـ لبنان» من دون الحصول على رد حتى الآن.
إضافةً إلى جمعيات مقاطعة اسرائيل، أطلق بعض الشبان حملاتهم على الفايسبوك لإقناع فرقة Red Hot Chili Peppers بعدم زيارة تل أبيب. لا نعرف إذا كانت كل هذه النداءات قد وصلت الى الفرقة رغم التعليقات التي انهالت على الإعلانين اللذين انتشرا على يوتيوب، ويظهران الفرقة وهي تروّج لحفلتيها في بيروت وتل أبيب. في الإعلان الأول الخاص بحفلة بيروت، لم يتكلم المغني أنثوني كيديز. أما في الإعلان الموجّه الى تل أبيب، فأمطر كيان الاحتلال بكلمات الحب والغزل، موجهاً تحية الى حيفا لأنّها «مسقط رأس هيلل سلوفاك» عازف الغيتار القديم في الفرقة. لو أنّ أعضاء الفرقة تمعّنوا في تاريخ ممارسات الدولة التي يحيّونها، وعادوا الى بعض كلمات أغنياتهم ودعواتهم إلى الحرية والتحرر، لكان الأجدى بهم إلغاء الزيارة.



Red Hot Chili Peppers: 8:30 مساء اليوم ــ «الواجهة البحرية»، بيال، بيروت ــ للاستعلام: 01/999666