بعد مرور أكثر من ست سنوات على عملية أسر «حزب الله» للجنديين الاسرائيليين في تموز (يوليو) 2006، ظلّ لغز كيفية تنفيذ هذه العملية المعقّدة سراً حتى يوم الجمعة الماضي. منذ وقوع تلك العملية، كانت التحليلات العسكرية والتكتيكية لا تتعدّى التخمينات لجهة طريقة العمل وآلية التنفيذ.
لكن في برنامج «في الميادين» الذي يقدّمه غسان بن جدو على شاشة «الميادين»، رأينا مساء الجمعة الماضي بالصور الحية مجموعة من مقاتلي «حزب الله» ممن نفّذوا عملية الأسر في خلة وردة في قرية عيتا الشعب الحدودية (جنوب لبنان). الحلقة التي أُعدَّت بشكل متقن، انقسمت الى قسمين: الأول ميداني صُوّر المسار الذي سلكه مقاتلو المقاومة قبل تنفيذ العملية وأماكن تموضعهم مقابل بوّابة خلة وردة. أما القسم الثاني فكان حوارياً مع النائب نواف الموسوي، وعميد الأسرى المحررين سمير القنطار وعُرض من معلم مليتا في جنوب لبنان في دلالة على تكامل الحدث مع المكان. التشويق استكمل مع عرض مقطع قصير من عملية الأسر (حوالي دقيقة والنصف) من تصوير الإعلام الحربي في «حزب الله». ظهرت المشاهد بجودة عالية ومن أكثر من زاوية. لكنّ هذه المدة القصيرة كانت كافية كي تتجه أنظار العالم إلى «الميادين» بغية معرفة هذا اللغز العسكري الذي امتد على أكثر من ست سنوات. وقريباً، ستعرض «الميادين» العملية كاملةً في برنامج خاص يتضمن كشف مصير الجنديين لحظة الأسر، والتحضير الذي سبق العملية وفق ما أعلن غسان بن جدو.
هذه الحلقة بما كشفته من أسرار شدّت أنظار وسائل الإعلام العربية والقنوات الاسرائيلية أيضاً. لم يخفِ الاعلام الاسرائيلي والمعلقون العسكريون غضبهم مما وصفوه «قناة حزب الله الثانية» في إشارة الى «الميادين»، وسط ترقب لما ستكشف عنه القناة مستقبلاً. وقد برزت الصدمة من شكل الآلية العسكرية التي تم أسر الجنديين منها، فقد بدت سليمة، ما يعني أنّ تفجيرها تم من قبل عناصر المقاومة بعد اتمام عملية الأسر، في خطوة تضليلية لعدم كشف مصير الجنديين الا في الوقت المناسب.
صحيح أنّ عمر «الميادين» لم يتجاوز الشهر ونصف الشهر، وأنّ هناك انتقادات لبعض الممارسات في أدائها تعود ربما إلى تشوّهات الولادة وتحتاج إلى وقت كي تتبلور صورة المحطة النهائية، إلا أنّها استطاعت بهذا السبق الصحافي أن تحجز لها مكاناً بين الفضائيات، إضافة إلى سبق آخر. إذ عرضت أمس تسجيلاً صوتياً لخاطفي اللبنانيين في سوريا وبعض المخطوفين الذين وجّهوا رسائل إلى المسؤولين اللبنانيين للعمل على إطلاقهم. ويبقى السؤال: هل ستقدم «الميادين» نموذجاً جديداً للاعلام الذي فقد صدقيته في ظل انقسام المحاور؟.