عكّا | عند شارع «صلاح سالم»، تقع حديقة الأزهر في القاهرة. للوصول إلى «مسرح الجنينة»، على الزائر أن يمشي مسافة دقائق حتى يصل إلى مدرج مفتوح عند طرف الحديقة إلى جانب السور الذي يفصل بين المسرح وبين الحيّ الشعبي «الدرب الأحمر». هذا الفضاء يفتتح للأمسيات الفنّية والثقافية التي ينظمها كلّ من «مسرح الجنينة» ومؤسسة «المورد الثقافي» في موسم الربيع من كلّ عام، ويمتد لغاية مهرجان «حيّ» الرمضاني الموسيقي الذي يقام سنوياً منذ عام 2005 حتى اليوم. في رمضان هذه السنة، سوف يفتتح «حيّ» أبواب «مسرح الجنينة» في السادس والعشرين من تموز (يوليو) ويستمر لغاية 10 آب (أغسطس) 2012.
على مدار يومين في نهاية الأسبوع من فترة المهرجان (الخميس والجمعة)، سيستضيف الفنانة اللبنانية أميمة الخليل بأمسيتين يومي الخميس والجمعة (26 و27)، ومن ثم الفنانة الفلسطينية ريم بنّا (2 آب/ أغسطس)، تليها الفنانة المصرية دينا الوديدي (3 آب/ أغسطس) ويختتم المهرجان باستضافة الفنانة اللبنانية ياسمين حمدان للمرة الأولى عبر حفلين (9 و10 آب/ أغسطس).
حين بدأ مهرجان «حيّ» الرمضاني مسيرته في عام 2005، لم يعتمد آنذاك على ثيمة استضافة فنانات نساء من العالم العربي. كان منصةً لمختلف الفرق والفنانين الآتين من أنماط موسيقية مختلفة في المنطقة، ومنبراً لتقديم الجديد والشاب والبديل نوعاً ما على الساحة الفنّية العربية. لكن منذ عام 2010، اعتمد المهرجان وإدارته في «مسرح الجنينة» ومؤسسة «المورد الثقافي» فكرة استضافة الفنانات ضمن مشروع يمتد على ثلاثة أعوام. يقول مدير «مسرح الجنينة» أشرف قناوي لـ«الأخبار»: «في عام 2010، جاء التعاقد مع أربع فنانات عربيات بالمصادفة. وحين لاقت الفكرة استحسان الجمهور، قرّرنا أن نكمل بهذه الثيمة».
لذا، هو مهرجان يستضيف فنانات لكنّه ليس مهرجاناً نسويّاً عن قصد، بل لأنّ «الجمهور عايز كده»، وبالتالي، أخذت المصادفة مهرجان «حيّ» إلى تسليط الضوء على التجارب الموسيقية النسائية العربية. على سبيل المثال، خلال العام الماضي، كان المهرجان أول مَن استضاف المشروع الموسيقي الخاص والأول للمغنية المصرية مريم صالح الذي يحمل اسم «مش بغني» (الأخبار 10/5/2012، 27/12/2011). كذلك، استضاف الفنانة الفلسطينية الشابة ناي البرغوثي للمرة الأولى في القاهرة، بعدما كانت قد قدمت عرضها الموسيقي «منيتي» مرة واحدة في مسقط رأسها في رام الله (الأخبار 17/7/2012، 6/8/2011)، واستضاف للمرة الأولى الفنانة التونسية الشابة بديعة بوحريزي العام الماضي. وهذه السنة، سيستضيف للمرة الأولى اللبنانية ياسمين حمدان لتقدم أغنيات ألبومها الثاني الصادر في أيلول (سبتمبر) الماضي الذي يعدّ بمثابة مشروعها الخاص الثاني بعد انفصالها عن فرقة Soapkills والموسيقي زيد حمدان (الأخبار 25/4/2012). في دورته لرمضان 2012، سوف يستضيف المهرجان أيضاً الفنانة اللبنانية أميمة الخليل لتقدم مجموعة من أغانيها الخاصة في أول أمسيتين، وسيستضيف أيضاً الفلسطينية ريم بنّا (الأخبار 22/3/2012) لتقدم مجموعة من أغنياتها بعد غياب دام خمس سنوات عن «الجنينة». ومن مصر، ستكون ضيفة المهرجان الفنانة الشابة دينا الوديدي (25 عاماً)، صاحبة أغنية «الحرام» الشهيرة من ألحانها، هي التي بدأت الغناء في التاسعة عشرة وانضمت في ما بعد إلى فرقة «الورشة» ومن ثم فرقة «حبايبنا» المصرية التي أدّت فيها أغنيات الشيخ إمام والفولكلور والتراث المصريين، واشتهرت من خلال أغنية «بعد البيبان» (كلمات هاني فؤاد وألحانها).
منذ انطلاقته، تميز مهرجان «حيّ» بطرح نفسه منصة مصرية أولى للتجارب الموسيقية الشابة، وصار جوازاً لهذه الفرق والفنانين إلى الفعاليات المختلفة وإلى الجمهور المصري المتعطش لكلّ جديد من العالم العربي. خطوة لا تخلو من جرأة في ظلّ توجه المهرجانات الموسيقية الكبيرة عادة إلى الأسماء المعروفة والتجارية والمكرّسة. يقرر مهرجان «حيّ» سنوياً الحوار مع البديل والملتزم والجديد، مكملاً أصوات التغيير التي تعلو في كلّ مكان من خلال الموسيقى والأغنيات التي تحمل هموم الناس وهواجسهم وأحلامهم أيضاً.