القاهرة | في ذروة انشغاله بالحدث السياسي، فوجئ الجمهور المصري بتحقيق فريقه الوطني لكرة القدم أفضل نتائج له في تصفيات كأس العالم منذ سنوات بعيدة، حتى أنّ بعض النقاد ربطوا بين تحسّن نتائج الفريق وتراجع التركيز الإعلامي عليه. يبدو أنّ القاعدة نفسها تنطبق على السينما، أو على إيراداتها على الأقل. بينما يتراجع كل نشاط اقتصادي في مصر بسبب فوضى العملية الانتقالية التالية لـ«ثورة 25 يناير»، حقّق شباك السينما إيرادات أفضل من تلك التي حقّقها حتى قبل الثورة، لتثبت صالات الفن السابع مجدداً أنها المتنفس الأفضل لإحباطات الناس.
قبل سنوات، طالب نائب إسلامي في البرلمان المصري بإغلاق الصالات السينمائية خلال رمضان، كي لا تدنس «الإباحية» أجواء شهر الصوم. اليوم، صعد الإسلاميون إلى كرسي الرئاسة، لكن مجلس الشعب نفسه صار خاوياً في انتظار انتخاب برلمان جديد. أما صنّاع السينما أنفسهم، فليسوا معنيين كثيراً بفتح أو إغلاق الدور في رمضان المعروف بكونه شهر دراما التلفزيون بلا منازع.
في مقدمة السباق على أرقام شباك التذاكر، يجد الممثل أحمد عز نفسه بطلاً لفيلمين: الأول هو «المصلحة» من إخراج ساندرا نشأت، والثاني «حلم عزيز» من إخراج عمرو عرفة. مشاركة عزّ في فيلمين معاً ليست السمة الوحيدة في أعماله هذا الموسم، بل هناك أيضاً اقتسامه البطولة الرجالية في الفيلمين مع نجم آخر. هذا الأمر ربما صبّ في مصلحة إيراداتهما. لكن الفنان الشاب المازج بين الرومانسية والكوميديا والأكشن يأتي ثانياً ــ لجهة البطولة ــ في «المصلحة» بعد النجم أحمد السقا، بينما يأتي أول أمام شريف منير في «حلم عزيز» الذي يقدم فيه فانتازيا وعظية. في سيناريو نادر صلاح الدين، يظهر الأب الراحل (شريف منير) في حلم ابنه رجل الاعمال العابث (عزّ) ليحذره من الموت خلال شهر واحد، ما لم يكفّر الابن عن خطاياه وذنوبه، أو باختصار «تدفع تمن الطلبات اللي انت طلبتها ومادفعتهاش». بالتالي، فإن الفيلم عبارة عن رحلة الابن لإصلاح أخطائه هرباً من الموت أو من شبح الأب.
أما السقّا، فيعود إلى عالم المخدرات بعد فيلمه «الجزيرة» (إخراج شريف عرفة، 2007) المستوحى من قصة حقيقية كما هي الحال مع شريطه الجديد «المصلحة». هذه المرة، يلعب السقا دور ضابط المخدرات لا المجرم الذي يلعبه أحمد عز. الضابط حمزة (السقّا) يطلب نقله إلى قسم مكافحة المخدرات بعد مقتل شقيقه الضابط هو الآخر على يد مهربين، ليخوض صراعه في سيناء ضد تاجر المخدرات سالم المسملي (عز). الفيلم الذي كتبه وائل عبد الله تجاوزت إيراداته عشرين مليون جنيه مصري (3.5 ملايين دولار) في أسبوعه الثامن، أما «حلم عزيز» الذي يحتل المركز الثاني في إيرادات موسم الصيف، فقد حقق 8 ملايين جنيه بعد أربعة أسابيع على طرحه.
وفي أسبوعه الرابع، اقترب فيلم «غيم أوفر» ليسرا ومي عز الدين من المليون الخامس. الفيلم الذي أخرجه أحمد البدري وكتبه مصطفى عمار ومحمد القواشطي، يدور حول الصراع التقليدي بين الأم (يسرا) المذيعة المعروفة، وبين حبيبة ابنها التي تعمل موظفة في أحد الفنادق. تؤدي مي دور الحبيبة، ومحمد نور في ظهوره الأول يجسد دور الابن، والفيلم استنساخ ــ من دون إشارة ــ إلى الكوميديا الرومانسية الأميركية Monster-in-Law من بطولة جين فوندا وجنيفر لوبيز وإخراج بيتر لوكيتيك (2005).
أما «عمر وسلمى 3» المعروض في الصالات منذ نهاية العام الماضي، فيواصل فيه تامر حسني ومي عز الدين تحقيق الأرباح، حيث وصلت إيراداته حتى الآن إلى 15 مليوناً. شريط «غش الزوجية» للمخرج أحمد البدري، حقق أيضاً انطلاقة جيدة، وتخطى المليون الرابع في أسبوعه الثالث. الشريط الذي كتب نصّه لؤي السيد يدور حول شاب مدلل (رامز جلال) يبحث عن فتاة أحلامه بين الجميلات الشبيهات بنجمات الفيديو كليب، لكنه يُجبر على الزواج من لاعبة كرة القدم المسترجلة سلمى (إيمي سمير غانم).
وفي «حصل خير» للمخرج اسماعيل فاروق والمؤلف سيد السبكي، تلعب اللبنانية قمر دور راقصة تنتقل للسكن في بناية جديدة، فتغار منها زوجات البناية، ويتهافت عليها أزواجهن، ومنهم المطرب الشعبي سعد الصغير. الفيلم نسخة أخرى من أعمال الصغير التي يمكن وصفها ــ تجاوزاً ــ بالاستعراضية الشعبية، وتتمحور دوماً حول راقصة جميلة ومطرب شعبي وجيران لا يتوقفون عن ممارسة «الردح»! وقد حقق الفيلم الذي دخل شهره الثاني إيرادات بلغت 6 ملايين جنيه.
وإجمالاً، تخطت إيرادات السينما المصرية في عامها الجاري 90 مليون جنيه، وهو رقم يقل بـ20 مليوناً فقط عما حققته طوال العام الماضي، ويقل 10 ملايين عن 2010، أي قبل الثورة. هذا يؤكد مجدداً أنّ للسينما ــ وخصوصاً لشباك تذاكرها ــ منطقاً خاصاً في مصر.






«حلم عزيز» : «بلانيت طرابلس» ــ 06/442471
«غيم أوفر»: «غراند كونكورد» ــ 01/343143