القاهرة | «الأستاذ الفاضل أندرو أُنسي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تتقدم إدارة قناة «الشباب» بخالص التقدير لسيادتكم على حسن تعاونكم معنا خلال الفترة الماضية. ونظراً إلى السياسة الجديدة للقناة، وتوجهاتها، نرجو أن يوفقكم الله في مكان آخر، ولكم منّا جزيل الشكر». رسالة طائفية (عمرها أربعة أشهر) بعثتها إدارة قناة «الشباب» المصرية إلى المخرج المصري الشاب أندرو أنسي شكري تبلغه فيها بالاستغناء عن خدماته في المحطة التي دخلها عام 2010.
والسبب أنّ هذا المنبر الإعلامي قرّر اعتناق التوجّه الاسلامي منذ شباط (فبراير) الماضي، ففُصل الشاب بسبب هويته الدينية! لكن أين كان أندرو طيلة هذه الفترة؟ ولماذا لم يخرج إلى الإعلام حتى اليوم؟ ولماذا لم يحقق النائب العام في البلاغ الذي تقدم به الشاب منذ ثلاثة أشهر؟ علمت «الأخبار» من محاميه الذي تقدم بالبلاغ أنّ المخرج الشباب «يملك مستحقات لدى القناة لم يحصل عليها إثر فصله بشكل تعسفي. وكان يأمل أن تتم تسوية الأمر بهدوء. لكنّ شيئاً من هذا لم يحدث حتى اليوم ولذلك قرّر الخروج عن صمته».
محامو الوحدة القانونية لـ«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» تبنوا القضية منذ أيام فقط. تقول روضة أحمد مديرة «الوحدة القانونية» في الشبكة: «وصلتنا القضية منذ أسبوع فقط. جاء أندرو بنفسه إلى مقر «الشبكة العربية» بعدما فقد الأمل في الحصول على حقه. سنتولى متابعة البلاغ الذي تقدّم به للنائب العام (رقم 1149 لعام 2012)، وسنلجأ إلى كلّ الوسائل القانونية والحقوقية لاستعادة حقه» واصفةً ما جرى بأنّه «تمييز ديني مرفوض، وجريمة يعاقب عليها القانون. القصة ليست مسألة حقوق مادية، بل إنّها انتهاك لمبدأ المواطنة ولأعراف حقوقية دولية». وتتابع أحمد: «هناك عشرات القضايا من هذا النوع لا يُسلط عليها الضوء، وهذه واحدة منها. هذا إهدار فج لمبدأ المساواة، ونتمنى أن تتحرك النيابة العامة خصوصاً أنّ وقائع مثلها يمكن أن تحدث مع إعلاميين غير اسلاميين وليس شرطاً أن يكونوا مسيحيين. كل هؤلاء قد يتعرّضون لمصير أندرو بسبب بعض القنوات الفضائية التي تعتزم تغيير خطها الافتتاحي والتحريري بعد صعود محمد مرسي إلى رئاسة الجمهورية». وكانت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» قد أصدرت أمس بياناً أوردت فيه أنّ «أندرو فوجئ في يوم 20 شباط (فبراير) 2012، باجتماع في قناة «الشباب» التي يعمل فيها مخرجاً منذ عام 2010 حيث أبلغته إدارة القناة أنّ توجّهها سوف يكون إسلامياً. ورغم أنه قبل بالعمل باعتباره مخرج برامج مهنياً، إلا أن المدير التنفيذي في المحطة أبلغه أن عليه البحث عن مكان آخر للعمل، وقام بفصله لأنّه مسيحي». واللافت أنّ المحطة منحت أندرو شهادة خبرة تفيد بأنه كان يعمل بكفاءة ومهنية، ما يُغّذي المخاوف من انتشار التمييز على أساس الدين بعد صعود التيار الإسلامي في مصر. وتشكّل هذه الواقعة سابقة خطيرة تنذر بما قد يحدث في المشهد الإعلامي المصري إن لم يوضع حدّ له فوراً.