القاهرة | ينطلق المواطنون بالسكاكين والمطاوي صائحين «الله أكبر. امسك العملاء». يُمسكون بريتشارد قلب الأسد، ويسلّمونه إلى القائد المُظفر صلاح الدين الأيوبي. الحكاية نفسها بأبطال متغيّرين، والتهمة تكدير أمن البلاد! المواطنون الشرفاء كانوا هناك في حلوان (جنوب القاهرة) خلال جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية المصرية، يُنقّبون عن العملاء. أمسكوا بالصيد الثمين: مخرج فيلم «لا تبيع» التسجيلي الذي يحذّر من الرشى في الانتخابات. قبل ثلاثة أيام، أصدرت «محكمة جنح حلوان» حكماً بحبس أشرف نبيل ومساعده أحمد حلمي عبد الصمد (الأخبار 9/6/2012)، ستة أشهر مع وقف التنفيذ مع تسديد غرامة، وبراءة المتهم الخامس (عبد الله مصيلحي) وتغريم المتهمين الثالث والرابع مبلغ ألف جنيه.
النيابة العامة كانت خصماً للمتهمين وأخفت مستندات سيناريو الفيلم. قالت إنّ «المتهمين شرعوا في نشر أخبار كاذبة عن انتخابات الرئاسة وخصوصاً المرشح أحمد شفيق». وكيل المتّهمين المحامي والناشط طاهر أبو النصر لم يرغب في التعليق، لكنّه قال «سوف نستأنف الحكم خلال أيام. المُضحك أن النيابة أضافت متهماً (مواطناً مناصراً لمرسي) كان يمر بالمصادفة بسيارته، وحُكم عليه بالغرامة».
أشرف نبيل مصدوم حتى لحظة هذه السطور. لم يتمكن من تصوير 43 ثانية من فيلمه الممنوع. يضحك الشاب: «مش فاهم حاجة حتى الآن. الفيلم توعوي، وأكثر من بسيط. بلغت كلفته 100 جنيه فقط». أشرف الذي يعمل مندوباً للتسويق في أكاديمية للأطفال، يقول «أنا هاوي تصوير، وكنتُ أصوِّر المرحلة الأولى من المادة التسجيلية، قبل أن يهجم عليّ الناس. كسروا نظارتي وضربوني، وأنا الذي اتصلت بالشرطة كي تحميني من هجوم الأهالي، لكنها حبستني وتركت من ضربوني». طبقاً لتحقيقات النيابة التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها فإن بطاقة ذاكرة الشريط تحوي قرابة دقيقة، جرت إعادتها أكثر من عشرين مرة، ويظهر فيها مواطن فقير (ممثل) يدخل عليه أحدهم (ممثل) ويعطيه مائتي جنيه، ويقول له «انتخب شفيق». فاصل قصير ، ثم يظهر مواطن ملتح (ممثل) أمام جامع، يعرض على مواطن فقير آخر (ممثل) حقيبة تحوي زيتاً وسكراً ودقيقاً، ويقول له: «انتخب محمد
مرسي».
يقول نبيل إنّه في المونتاج، كانوا ينوون «حذف اسمي المرشحين، بحيث تظهر صفّارة عند كل اسم». قضية أشرف نبيل أثارت ضجة حقوقية، فأدانت منظمات عالمية وجمعيات أهلية عدة الحكم الصادر بحق أصحابه، معتبرةً أنّ «محاكمة أشرف ورفاقه لم تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة، كما أنّها تقييد صارخ لحرية التعبير بعد الثورة».