أبو ظبي | في بار أحد الفنادق الفخمة في إمارة أبو ظبي، ينغل الفنيون السوريون كعادتهم لتجهيز مشهد درامي. نشعر كأننا أمام عمل سوري بامتياز، لكن الحقيقة أننا في زيارة إلى موقع تصوير مسلسل خليجي تصنعه خبرات سورية. العمل هو «أحلام على ورق» (تأليف حازم سليمان، وإخراج عامر فهد، وإنتاج المخرج والمنتج الأردني إياد الخزوز بالتعاون مع «هيئة المنطقة الإعلامية في أبو ظبي» Twofour54) من بطولة جاسم النبهان، إبراهيم الزدجالي، وزهرة عرفات ومديحة كنيفاتي وأحمد إيراج...يتواصل الشغل بوتيرة متسارعة حتى يدخل المكان مصوّر مجلة «ماجد» محمد المسعود، حاملاً معه تصميماً مميزاً للوحة يجمع فيها كل الشخصيات الكرتونية التي سبق أن عرضت المحطات العربية مسلسلاتها. سرعان ما يعود مخرج العمل ورفاقه أطفالاً، ينحنون على الأرض ليفتّشوا عن شخصياتهم الكرتونية المميزة. لحظات يمكن توثيقها في الـ «ميكينغ أوف» علّها تعرض بعد نهاية المسلسل!
في حديثه مع «الأخبار»، يحكي عامر فهد عن عودته للعمل بعد اشتياقه للكاميرا، وموقع التصوير والورق. ويضيف: «كان عليّ إنجاز هذا المسلسل في زمن قياسي، وهذا ما اقتربت من تحقيقه. لم يسبق أن تصدّت الدراما للصحافة ومشاكلها إلا في استثناءات قليلة. ربما يكون هذا الوقت هو الأمثل لفتح هذا الملف ونحن نشهد موجة التخطبات والإقفالات في الصحافة العالمية والعربية، وهذا بالضبط ما نفعله في مسلسلنا».
المسلسل راهن يتزامن مع موجة التخطبات والإقفالات في الصحافة العالمية والعربية

من جانب آخر، ينوّه مخرج «بقعة ضوء10» بأن «هذا البلد يتمسك بالقوانين بشكل يعطي نتائج عكسية في بعض الأحيان، بخاصة في ما يتعلق بالفن. يستحيل مثلاً التقيد بالوقت المحدد في مواقع التصوير التي نحجزها، وقد يتطلب إنجاز مشهد واحد كل الوقت الذي حجزناه، بينما يكون علينا مثلاً تصوير أربعة مشاهد. القوانين الصارمة لا تنسجم مع صناعة الفن». بدورها، تخبرنا الممثلة السورية مديحة كنيفاتي عن تأديتها شخصية لطيفة «التي قضت عمرها في لندن وتتمتع بثقة قوية بنفسها. تتعرف إلى شخص هام وتشتغل من خلاله في الصحافة رغم أنّ لا علاقة لها بالمهنة. ثم تنشأ علاقة حبّ بينها وبين رئيس التحرير رغم التنافر الكبير بينهما في البداية».
من جانبه، يحكي الممثل الكويتي أحمد إيراج عن شخصيته قائلاً: «أجسد شخصية تشكّل أحد الخيوط العريضة المحركة للأحداث. الثيمة العامة للعمل هي ملمس الورق ورائحة الحبر. القصة تحكي عن فريق مجلة داخل عمله، ومن ثم خارج مؤسسته الإعلامية، على أن نرصد جزءاً يسيراً من حياته الاجتماعية. ألعب شخصية عبد العزيز وهو سكرتير التحرير واليد اليمنى لرئيس التحرير الذي جاء من بريطانيا في خطوة لإنقاذ المجلة من الهبوط. هو رجل متزوج لديه طفل، فيما تركت وفاة زوجته أثراً سلبياً في نفسه. لكنه يحرص على التعاون مع رئيس التحرير حتى ينقذ المجلة. هذه التجربة الثانية مع مخرج العمل الذي سبق لي أن مثلت أمام كاميرته في المسلسل الكويتي «سدرة البيت». أعتقد أن دخول خبرات سورية على الدراما الخليجية سيسهم في تقدمّها في الرؤية والطريقة التي يعملون بها، بخاصة أنّ المسلسل الذي نقدمّه ذو طابع عربي ولا ينتمي إلى بلد واحد فقط». من جهة ثانية يلفت الممثل الكويتي إلى «أن مستقبل الدراما يتجه نحو الأعمال العربية المشتركة وبشكل مبرر. يكفي السير في دبي لتصادفوا كل الجنسيات العربية، وهذا ما نقدمه في مسلسلنا». الفكرة ذاتها يتفق معها النجم العماني إبراهيم الزدجالي الذي يقول في حديثه الى «الأخبار» بأنه لو «فرّقتنا السياسة، عسى أن يجمعنا الفن». وعن فكرة العمل، يقول: «تدور القصة حول مجلة ترأس تحريرها سيدة، لكن القرار الذي يفاجئها هو استقدام الشخصية التي ألعبها كرئيس تحرير بدلاً منها، ليدور صراع بينهما على مدار القصة. في المقابل، يتمكن رئيس التحرير من مقارعة رؤوس أموال ومافيات اقتصادية تجرب محاربته بعدما نجحت في استخدامه ضمن ميدان عريض من تصفية الحسابات». أما عن الجاذب المختلف في النص، فيجيب نجم «لعبة المرأة رجل» (تأليف سارة العليوي وإخراج إياد الخزوز ومحمد العلمي) بأنه لمس قصة مكتوبة بشكل سلس تشتبك مع واقع مأزوم وموجود بقوة. ويضيف الزدجالي: «الخيار الإخراجي انحاز إلى موقع التصوير الأساسي في مكاتب المجلة المفتوحة على بعضها بحيث تتشارك جميع الشخصيات في المشهد الواحد، وتشكل الشخصيات الثانوية في المشهد، خلفية للحوار والشخصيات الرئيسية فيه. وربما تلتقط الكاميرا ردودها كحالة انعكاسية لما يجري. هذا تكنيك مختلف ومحاكاة للعمل الأوروبي من حيث حركة الممثل أمام الكاميرا».
سبق للمخرج السوري عامر فهد أن انتشل مسلسل «بقعة ضوء» وأعاد إليه الألق عبر ثلاثة أجزاء متتالية، كما تمكّن من استقطاب نجومه المؤسسين مجدداً، كلّ ذلك بشراكة مميزة مع السيناريست والصحافي حازم سليمان. لكن حينها، اعتقدت شركة «سما الفن» (سوريا الدولية) المنتجة للمسلسل الكوميدي أنها قادرة على سجنه داخل مواقع تصويره. لكنه اعتذر عن عدم إخراجه واعتزل الفن لمدّة عام كامل تفرّغ فيه لتأسيس مطعم في دبي حمل لمسات فنية واضحة. وها هو يعود في «أحلام على ورق» الذي يباشر تلفزيون «الكويت» عرضه مطلع الشهر المقبل فيما تعرضه قنوات «أبو ظبي» في رمضان.