صباح الأمس أعلنت نورا جنبلاط عن انطلاق صيف ٢٠١٢، قبل أوانه، في القاعة الزجاجيّة لوزارة السياحة (بيروت). افتتحت رئيسة لجنة «مهرجانات بيت الدين الدوليّة» سباق المهرجانات الكبرى في لبنان (مهرجان جونيه الذي أعلن عن برنامجه آخر الشهر الماضي ـــ نجومه أزنافور وكريس دو بيرغ ـــ ما زال خارج نادي الكبار، لكن كل شيء ممكن في المستقبل). والسباق افتتح مبكّراً هذا العام: بعد بيت الدين بالأمس، يعلن اليوم عن برنامج «بعلبك» وغداً الخميس عن «بيبلوس».
أوّل الثالوث إذاً، كشف برنامجه بحدّ أدنى من الطقوسيّة. تخفّف المؤتمر الصحافي من مطوّلات انشائيّة (عن لبنان قبلة الشرق والغرب، إلخ)، كان يلقيها نقيب المحررين الراحل ملحم كرم، ونقيب الصحافة محمد البعلبكي الذي افتقدناه على المنصّة… لكن وزير السياحة فادي عبّود «شال الفرق» هذا العام، بخطاب مرصّع بعبارات من نوع «في جوّ من الأصالة والحنين». خطاب فاجأنا به بعد أن كانت الست نورا أعطت الكلمة للاعلاميين الحاضرين، ليبسط نظرياته ومخططاته في مجال «سياسة الترويج في لبنان وأهميّتها». وهي «سياسة» لا بدّ من مناقشة الأسس الفلسفيّة التي تستند إليها، لكن في مناسبة أخرى…


بعد كلمة ممثلي المصرفين الراعيين للمهرجان، أعلنت رئيسة «بيت الدين» تباعاً ـ مع عروض فيديو مرافقة - عن المواعيد الستة التي تنتظرنا في قصر المير بشير بين ٢٨ حزيران (يونيو) و٢٦ تمّوز (يوليو) المقبلين. هكذا اكتشفنا برمجة قد لا تنطوي على مفاجآت كبرى، وإن كانت تقدّم خيارات نوعيّة، غنيّة، تجمع كالعادة بين الأوبرا والجاز والروك المطعّم بالبوب، والطرب والرقص المعاصر، والانتاج «البلدي» الذي يفضي إلى… الفولكلور.


استعراض الموسم يحمل توقيع الجيل الجديد من آل كركلا (إيفان مخرجاً، وأليسار مصممةً للرقصات)، وعنوانه «كان يا ما كان»، يبدأ من كورساكوف ورافيل، ويصبّ في التراث اللبناني، بمرافقة «الأوركسترا الفيلهارمونيّة اللبنانيّة» (بقيادة المايسترو هاروت فازليان). ليست لدينا تفاصيل أخرى حوله، لكن يبدو من نجومه ــــ هدى حداد، جوزف عازار، رفعت طربيه، غابريال يمّين… ــــ أنّه يجمع بين الرقص والتمثيل والغناء (٢٨ و٢٩ و٣٠/ ٦/ ٢٠١٢). من الفولكلور إلى الرقص المعاصر مع نجمة الباليه الفرنسية سيلفي غيلام التي تقدّم عرض PUSH (دفعة، أو دفشة)، من تصميم الكوريغراف البريطاني راسيل ماليفنت. أربع لوحات تتراوح بين السولو والدويو مع ماليفنت الذي تقوم رؤياه على «فعل ديناميكي يطبعه كل جسد على الآخر، فيخلق بينهما حركة انسيابية». (٧/ ٧). ومن حلب يأتي حمام خيري وريث شيوخ الطرب الذي بدأ مسيرته مع أديب الدايخ، وتتلمذ على صبري مدلّل. صاحب الصوت الجبّار أحيا أمسية استثنائيّة ذات صيف في مدرج «قرطاج» الروماني (تونس)، من دون ميكروفون، وينتظره هواة الطرب الأصيل للمرّة الأولى في لبنان هذا الصيف (١٢/ ٧).


المحطّة التالية ستكون مع الـ «روك/ بوب»، من خلال الفرقة الإيرلنديّة The Cranberries. الرباعي المتحلّق حول دولوريس أوريوردان (المغنية وكاتبة الكلمات والعازفة)، يحطّ في لبنان ضمن جولة ترويج عالميّة لأسطوانته السادسة Roses التي تسجّل عودة الفريق ذي النبرات السلتيّة، بعد انقطاع ست سنوات انتهت في ٢٠٠٩، بقوّة تعيده إلى ذروته في التسعينيات (١٤/ ٧). وبما أنّه لا يمكن أن يمرّ «بيت الدين» من دون موعد مع الجاز، فها هو المهرجان يسترجع فرقة Dizzy Gillespie™ All- Star Big Band التي سبق للجمهور اللبناني أن اكتشفها في بعلبك منذ ٢٠٠٥. نواة الفرقة عازفون رافقوا ديزي غيلسبي في حياته، الموسيقي الأسطورة الذي يحتفل العالم في أكتوبر المقبل بذكرى ميلاده الخامسة والتسعين، بينهم الساكسوفون جيمي هيث والترومبيت كلاوديو روديتي. وستقف معهم على الخشبة مغنية الجاز اللبنانية الكنديّة رندا غصوب (١٧/ ٧).


أما مسك الختام فسيكون أوبراليّاً، بالاشتراك مع مهرجان عريق هو «لي كوريجي دورانج» (جنوب فرنسا). ضيف بيت الدين هو جياكومو بوتشيني صاحب La Bohème، مع الألبانيّة إينفا مولا في دور ميمي، وبمشاركة «الأوركسترا الفيلهارمونيّة اللبنانيّة» التي يقودها المايسترو جان إيف أوسونس (٢٦/ ٧). لا بدّ أخيراً من الاشارة إلى معرضين للفنان اللبناني سمير صايغ، («يوميات حريّة»، مستوحى مما يسمّى بـ «الربيع العربي»)، ولمؤسس «وكالة سيبا» الفوتوغرافيّة المصوّر التركي الراحل غوسكين سيباي أوغلو (١٩٢٦ ـــ ٢٠١١)، وإلى لمسات الفنان الايراني رضا عابديني على الهويّة البصريّة للمهرجان.