في أوّل أداء مسرحي له كممثل، يلعب ناجي صوراتي دور عالمٍ فقد بصره. لكنّه يرفض أن يصدقّ أنّه كان السبب بما أصابه. حول هذه المعضلة، يتمحور عرض صوراتي الجديد «ذرّة رمل في عين الشمس» الذي انطلق أخيراً على خشبة «مسرح المدينة»، حيث يتواصل حتى مطلع نيسان (إبريل) المقبل. العرض مأخوذ عن أحد نصوص الشاعرة إيتل عدنان، وقد أخرجه صوراتي أيضاً.
على غرار مسرحياته السابقة التي قدّمها مع تلاميذه على خشبة «مسرح غلبنكيان» في «الجامعة اللبنانية الأميركيّة»، جاءت مسرحيّة صوراتي الأولى خارج السياق الأكاديمي ضعيفةً. في السابق، كنا نعتقد أنّ اتكال صوراتي على ممثلين هواة كان سبباً في إضعاف العرض. وكنا نظن أنّ لجوءه إلى سينوغرافيا ضخمة وطاغية، كان محاولة للتستّر على رداءة التمثيل. وكنا نترقّب من المخرج في عرضه الجديد أن يكون قد طوى صفحة العمل الأكاديمي، نحو بعد أكثر احترافيّة... من ناحية السينوغرافيا، توسطت شاشة بيضاء خلفية المسرح، استعملت بهدف خلق مساحة لخيال الظل، ولعرض مشاهد للبحر، أو إعادة تكبير بعض لحظات العرض الحية. أما على الخشبة، فوزّع صوراتي عدداً كبيراً من النراجيل والمكعبات السوداء المغلقة، إلى جانب مكعبات شفافة تحتوي مياهاً أو رملاً. كذلك تدلّى من السقف مثلثان، في أحدهما ماء، وسمكة برتقالية، في حين استُعمل الآخر كساعة رمليّة. هكذا، سيطرت عناصر الطبيعة على المشهدية: المياه، والأرض، والهواء، وحتى النار التي كانت تشتعل هنا وهناك. جاء ذلك من دون أي توظيف درامي لتلك العناصر سوى إضفاء بعد جمالي واستعراضي يحمل نفحة عجائبية. هنا يد تشتعل، وهنا رمال تقفز على مكبرات الصوت، وهناك سوائل تتحول إلى دخان ملوّن... وكلّها مؤثرات لم ينجح المخرج في تطويعها في دراماتورجيا العرض.
شارك صوراتي التمثيل ممثل آخر، يؤدي دور أناه الثانية، في رؤية إخراجية كلاسيكية لانقسام الشخصية إلى صنوين يتصارعان، ليقتل أحدهما الآخر مع اقتراب النهاية. إخراجياً، تم الاستناد على منطق توازن الخشبة بين الممثلين المتطابقين شكلاً وتمثيلاً، مع الاستعانة بثلاثة ممثلين آخرين، كان واجبهم تحريك عناصر السينوغرافيا وملء الفراغات فقط. أما الأداء فكان سطحياً في تلاوة للنصّ حيناً، أو في اصطناع الهمس والصراخ غير المبرر أحياناً. هذا ما فرّغ الكلام من معناه، لدرجة كاد الجمهور ينسى أنّ النصّ للشاعرة الكبيرة إيتل عدنان. لم يقدم صوراتي أي جديد في «ذرّة رمل في عين الشمس»... لعله يأتي ببرمجة قيّمة إلى «مسرح المدينة» بعدما أصبح مديره الفني الجديد.



«ذرّة رمل في عين شمس»: 9:00 مساءً على خشبة «مسرح المدينة» (الحمرا/ بيروت) ـــ حتى الأول من نيسان (إبريل) المقبل. للاستعلام: 01/753010 ــــ 01/753011