في «حديث الممانعة والحرية» (المركز الثقافي العربي)، يحاول الزميل والكاتب السعودي بدر الإبراهيم (1985)، تشريح مفهوم الممانعة ودورها من خلال الثورات العربية. يرى الإبراهيم أنّ محور الممانعة يتعرض اليوم لحرب عالمية لإنهائه ومنع امتلاكه القوة لمواجهة أطماع الغرب وإسرائيل في المنطقة. ويعرض نجاح وفشل محور الممانعة الذي نشأ ردّاً على محور الاعتدال بعد نشوء إسرائيل عام 1948، وتتالي الهزائم في التاريخ العربي أمام هذا الكيان المفروض على المنطقة. هذا الواقع سيخلق انقساماً بين الدول العربية بعضها مؤيد للمواجهة مع الغرب وإسرائيل، وأخرى تطرح مشاريع السلام المجهض. في فصل «نجاح الممانعة»، يركز الإبراهيم على خوض الشعوب معركة نيل الحريات عبر المقاومة التي استرجعت الأراضي اللبنانية المحتلة، وأنهت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وصمود الشعب الفلسطيني في غزة خلال عدوان 2008 و2009. ويصل بعدها إلى ثورة الاتصالات التي بدأت تجمع الحشد الشعبي السلمي لإسقاط الدكتاتوريات العربية الحاكمة.

إلا أنّه في فصل «فشل الممانعة»، يجد صاحب «حياة مؤجلة» أنّ منظّري هذا المنهج ذهبوا بعيداً في أسطرته إلى درجة رفض النقد والمراجعة، ما أدى برأيه إلى الدخول في حالة حرب دائمة وتعبئة شعاراتية ضد الخصوم، آخذاً على الدور الإيراني الذي دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية فشله في العراق الذي باتت تحكمه المحاصصة الطائفية. كذلك انتقد دخول مقاومة «حزب الله» و«حماس» في اللعبة السياسية في لبنان وفلسطين. ويرى الكاتب أنّ وسائل الإعلام التي تدور في فلك هذا المحور لم تستطع أن تدحض الاتهامات الطائفية الموجّهة إليها من خصومها.
في الفصل الأخير «مستقبل الممانعة»، يضعنا الكاتب أمام معادلة حيث طرفاها المقاومة والثورة، حيث يرى بينهما رابطاً قوياً. لكنه لا يحدّد السياقات السياسية والواقعية لهذا الرابط، مشيراً إلى أن أولويات الشعوب الطامحة إلى الحرية هي ترتيب بيتها الداخلي. وفي الوقت عينه، يصرّ على اعتبار أن القضية الفلسطينية ما زالت مسألة مركزية للشعوب العربية. كذلك يعرّج على العلاقة مع الغرب والصراعات الطائفية التي تهدد الربيع العربي، انتهاءً بتكامل مشروع الممانعة مع التحول الديموقراطي لتمكين جيل الشباب الثائر من تحقيق طموحاته. لكنّ الكتاب لم يعتمد منهجية واضحة ينطلق منها لتحليل مفهوم الممانعة، وابتعد عن التقصي لإثبات أفكاره.