عطسة من الطفل فراس كانت كافية لتضيء منازل بيروت. بطل عمل كريم دكروب (الصورة) الأخير «فراس العطاس»، وجد حلّاً لمشكلة الكهرباء المزمنة في لبنان. إلى غرفته البسيطة، دعا فؤاد صديقته كاتيا للعب. غير أنّ الطفل لا يهوى اللعب الكلاسيكية، بل هو «مخترع». لكن ماذا اخترع فؤاد يا ترى؟ لقد اخترع فراس، الدمية، صديقه الحقيقي الوحيد. عمل دكروب الجديد يعرض حالياً على خشبة «دوّار الشمس» (الطيونة/ بيروت)، وهو آخر نتاجات «خيال ـــ مسرح الدمى اللبناني».
بدأت مغامرة دكروب مع مسرح الدمى حين كان في التاسعة، حين اصطحبه والداه لمشاهدة عرض لفرقة «السنابل» التي استطاعت بإمكاناتها البسيطة أن تحكي عن الحريّة، والفقر، وفلسطين. في «فراس العطّاس»، يريد كريم دكروب أن يقول لنا: «كلّ طفل مبدع»... لكنّ الأهل والمعلمين، يساهمون غالباً في كبحه، وسدّ آفاقه. يشكو فؤاد إلى صديقته كاتيا من مواضيع الإنشاء التقليدية، ومناقشات الحصص السطحية. يريد أن يفكر بأسباب توليد الطاقة، وبالاحتباس الحراري، وبالمشاكل البيئية. يريد أن يطرح أسئلة عن أسباب انقطاع التيار الكهربائي، وعن أسباب اللون الأسود في سماء المدينة. يصدّه الجميع في البيت وفي المدرسة، فيلجأ إلى فراس، بحثاً عن حلول. خلال الحرب الأهلية، أسس دكروب فرقته المسرحية الخاصة. مع رفاقه، انطلق لتأدية العروض في الملاجئ المقتظّة بالهاربين. طار إلى موسكو، بعد حصوله على منحة لدراسة العلوم المسرحية. تخصصّ في مسرح الدمى، وعاد إلى لبنان عام 1991، حيث أسس فرقة «خيال» المشروع الحلم الذي لا ينقصه اليوم، إلّا مقر دائم لإقامة العروض. التقنيات البصرية في «فراس العطاس» قوية ومعبّرة، لكنها بسيطة. يفضّل كريم دكروب العودة إلى تقنيات المدرسة القديمة. هكذا، يستخدم فؤاد الظلال مثلاً، ليروي لكاتيا قصّة فراس الذي ولد في مستشفى قريب من مصانع، تلوِّث السماء بدخانها.
ابتعد دكروب في عمله عن الاستعراض، من أجل تقديم معالجة أكثر إنسانيّة لموضوعه. يبدي أسفه على حركة مسرح الطفل في لبنان التي يغلب عليها الطابع التجاري و«الهرج والمرج». في هذا السياق، سيسعى إلى البحث عن أفكار جديدة من خلال إطلاق مشروع «صندوق الفرجة»، وهو مسابقة لدعم إنتاجات الفنانين الشباب.



«فراس العطّاس»: كلّ سبت حتى 17 آذار (مارس) الجاري ــ «مسرح دوّار الشمس» (الطيّونة/ بيروت). للاستعلام: 01/381290