لبكي سيندروم

  • 0
  • ض
  • ض

في العنوان المتأرجح بين «بلد» وBallad، يكمن سرّ الفيلم وهويّته المهزوزة، ونظرته الضبابيّة إلى الواقع. الـ Ballad نزهة سياحيّة داخل تاكسي طلال الجردي (اللافت في دور يوسف)، عبر شارعين أو ثلاثة في بيروت، وحيّ مؤسلب تسكنه شخصيّات كاريكاتوريّة، يجسّد القرية الشماليّة التي هجّ منها البطل. نهيم على غير هدى، مع المخرج اللبناني الشاب دانيال جوزيف (1979)، في ذاكرة يوسف المستحضرة بطريقة اصطناعيّة: تداعيات وحكايات وصور من الزمن السعيد (الطفولة) تتقاطع مع حاضر غامض بلا أفق، في بيروت ما بعد «الإعمار». لكنّ تلك العناصر، الشاعريّة حيناً، النقديّة والطريفة أحياناً (التي يخالجنا شعور بأننا رأيناها في أماكن أخرى)، لا تنصهر تماماً في خطاب جمالي قويّ ومقنع. السيناريو قائم على المراكمة والتجميع، والإخراج يدفع باللعبة الإيكزوتيكيّة إلى الذروة. يوسف ليس سائقاً، والمرسيدس موديل ١٩٦٦ ليست تاكسي، والقرية ليست قرية، وبيروت ليست بيروت، والأحداث لا تحدث. الإحالات إلى الواقع لفظيّة وشكليّة. يعيد «تاكسي البلد» إنتاج القريّة الأبديّة إيّاها (كلا للأسف ليست «أماركورد» فدريكو فلّليني)، على أساس نموذج تسويقي، استشراقي، لاواعٍ بجزء منه على الأرجح. كأن هناك جيلاً كاملاً مصاباً بالعارض الإيكزوتيكي، أو نادين لبكي سيندروم، مع فارق بسيط أنّ الأخيرة تعرف ماذا يجذب الجمهور في هذه الاستعادة التسوويّة والسياحيّة للواقع (السياسة والجنس، الدلال الرومنسي والتوابل الشعبيّة). أما دانيال جوزيف الهارب إلى بيروت الكليشيه، فيبحث في الراهن المنهار عن نقاط ارتكازه. لكنّه يبحث في المكان الخطأ. النتيجة فيلم لطيف تنقصه الرؤيا.

0 تعليق

التعليقات