ستيفن سودربرغ مكثر هذه الأيام. بعد إخراجه الفيلم الوثائقي «وكل شيء يسير على ما يرام» (2010) عن فنان المونولوج سبالدينغ غراي، وفيلم الإثارة «عدوى» (2011)، يقدم السينمائي الأميركي فيلمين هذا العام. الأوّل كوميديا بعنوان «ماجيك مايك» تنطلق عروضها الصيف المقبل، والآخر شريط «آكشن» بعنوان «هايواير»، عرض في الصالات أخيراً. في فيلمه الأخير، يسلك سودربرغ، طريقاً مختلفاً عن أفلامه السابقة، متجهاً نحو سينما تجارية بحت.
في «هايواير» الذي ينتمي إلى فئة الإثارة الجاسوسية، تؤدّي لاعبة الفنون القتالية المتقاعدة جينا كارانو دور مالوري كاين، وهي قاتلة محترفة، تعمل في شركة خاصة، وتؤدّي المهمات بالنيابة عن الحكومات وأجهزة الاستخبارات. بعد مواجهة حاول فيها زميلها آرون (تشانينغ تيتوم) إلقاء القبض عليها في أحد مطاعم نيويورك، تفرّ البطلة. وأثناء فرارها في السيارة، تروي لسكوت (مايكل أنغارانو) الزبون في المطعم، ما حصل معها قبل أسبوع. تتكشّف خيوط القصّة شيئاً فشيئاً، ليتبيّن أن مالوري أرسلت في مهمّة لإنقاذ أحد المخطوفين في برشلونة. كلّفها بالعمليّة رئيسها وصديقها السابق كينيث (إيوان مكريغور)، بعد اجتماع مع العميل الحكومي كوبلنز (مايكل دوغلاس) ورجل اتصاله رودريغو (أنطونيو بانديراس). بعد نجاح مهمّتها الإسبانيّة، تطير مالوري إلى دبلن، بطلب من كينيث، لتتخفّى بثوب زوجة العميل البريطاني بول (مايكل فاسبيندر). هناك يتضح أنّ المهمّة الأخيرة لم تكن إلا فخاً نصبه لها كينيث، فتبدأ عمليّة مطاردتها، قبل أن تعود أدراجها إلى الولايات المتحدة، لتحمي نفسها، وعائلتها، وتنتقم.
تبدو القصة مستهلكة إلى حدٍّ كبير. لكن يبدو أنّ صاحب «ترافيك» راهن على إبعاد حبكته عن كليشيهات «الآكشن» التقليدية من خلال طاقم تمثيلي جيد، باستثناء عدم فاعلية جينا كارانو كممثلة مقنعة. استطاع سودربرغ أن يضبط إيقاع الفيلم بشكل متوازن، لكنّ هذا لم يكن كافياً ليخرج بشريط قويّ، بسبب الحبكة الخاوية. إذا قارناه بأفلام جاسوسيّة أخرى مثل «مهمة مستحيلة»، تبقى النتيجة لصالح سودربرغ من دون شكّ. لكن رغم كلّ شيء، لا يمكن مقارنة مع الأسوأ، أن تبرر لسينمائيٍّ بمستوى سودربرغ هذه السقطة. بعد إنجازه أعمالاً تركت بصمتها على مكتبة سينما المؤلّف المستقلّة، يطالعنا هنا بشريط إثارة لا يحمل أي أصالة أو عمق.