دمشق | صحيح أنّ شائعات الوفاة تطاول النجوم بنحو دائم، ولعلّها قد تشكّل فرصة لكي يختبر الفنان الذي طاولته الشائعة مدى حبّ الجمهور له. هذا ما حصل مع «سلطان الطرب» جورج وسوف العام الماضي، وتكرّر مع المطربة اللبنانية المخضرمة صباح، لكنه على غير العادة وصل إلى فيروز.
صاحبة الصوت الملائكي التي ارتبطت وثيقاً بصباحاتنا وتفاصيل حياتنا حتى تحوّلت إلى أسطورة وذاكرة جماعية، طاولتها مساء يوم الجمعة الفائت شائعة مقيتة عن وفاتها. قرأ رواد موقع الفايسبوك خبراً مفاده: «علمت بعض الجهات اللبنانية من مصادر خاصة مقرّبة من عائلة الرحباني بوفاة صاحبة الصوت الملائكي فيروز بعد معاناتها مع مرض عضال في الفترة الماضية وسط تعتيم إعلامي شديد. وبقيت في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت من منتصف شباط (فبراير) الماضي حتى وافتها المنية مساء الجمعة 9 آذار (مارس) 2012. ويتوقّع نشر خبر وفاتها صباح الاثنين 12 آذار (مارس) ريثما يتم الإعداد المنظّم والدقيق لمواكب الجنازة الضخمة وحضور الوكالات الإعلامية والفضائيات والصحافة العربية والعالمية لنقل هذا الحدث الجلل وترافقها الى مثواها الأخير».
وسرعان ما انتشرت الشائعة كالنار في الهشيم لتخطف الأضواء من كل الأحداث التي يشهدها الوطن العربي، خصوصاً في سوريا. تجنّد الناشطون على فايسبوك لإظهار عدم صحّة الشائعة، ووضعوا رابط خبر وفاة مواطن إماراتي يُدعى أحمد خميس فيروز نشرته إحدى الصحف الخليجية قبل أشهر. وكانت الجريدة قد عنونت خبر رحيله بعبارة «رحيل فيروز إثر جلطة دماغية». وهنا، نوّه الناشطون إلى أنّ الشائعة مصدرها الجريدة التي نشرت الخبر منذ أشهر بطريقة تبغي إثارة انتباه القارئ. لكنّها لم تحقّق هذه الإثارة وقت نشره، ليعود مجدداً إلى الواجهة بعد شائعة وفاة صاحبة «يارا».
هكذا، أخذت الشائعة تكبر ككرة الثلج على إيقاع مقاطع الفيديو نادرة حملها عشاق «سفيرتنا إلى النجوم» على الموقع الأزرق، ومقاطع أخرى ركّبها بعض المعجبين من بينها تسجيل يمزج بين صوت الشاعر الراحل محمود درويش وهو يلقي قصائده، وصوت الأغنيات الفيروزية. كذلك، انتشرت مقاطع أخرى من مسرحيات الرحابنة وبعض المقاطع من الحفلات الأخيرة التي أقامتها فيروز في الصيف في مجمع «بلاتيا» (شمالي بيروت) قبل بدء تبادل الرسائل وتكثيف الاتصالات للتأكد من صحة الخبر الذي نفته أخيراً ريما الرحباني على صفحتها على فايسبوك. لكنّ الزمن الممتد بين انتشار الشائعة وتكذبيها كان فرصة لجمهور فيروز حتى يفيض بحبه ومكنوناته لهذه الأيقونة، ويكشف كل واحد عن قصة خاصة عاشها معها.
هكذا، ابتعدت الناشطة والسيناريست السورية ريما فليحان للمرة الأولى عن رتابة التصريحات السياسية ومتابعة أخبار الثورة لتكتب على صفحتها على فايسبوك: «فيروز أيقونتنا تعيش بيننا، نستيقظ على صباحاتها وتشاركنا الذكريات. لطالما غفوت على ترنيمتها لريما، وغفا أولادي على الترنيمة نفسها (...) فيروز أحبك وأتمنى لك طول العمر».
بعد هذه «المزحة» السمجة والشائعة المقيتة، بدا صباح السبت كأنّه تحية خاصة من رواد الانترنت إلى صاحبة «بكتب اسمك يا حبيبي». هكذا، تبادل عشّاقها التحية والتهنئة لتأكدهم من أنّ الخبر مجرد كذبة، وربطوا وصلات لأغنياتها القديمة وصورها على الموقع الأزرق. وامتلأت تعليقاتهم بجمل تختصر مدى تعلّقهم بفيروز وانزعاجهم من الشائعة المقيتة، فكتب أحدهم «بعيد الشر عنّ قلبك ستنا... كبيرة المزحة هاي».
صحيح أنّ الشائعات ملح حياة الوسط الفني، لكنها تبدو كضربة تحت الحزام عندما تتعلق بالترويج لرحيل مبكر، وتصبح أشبه بـ«الجريمة» حين تغتال صوتاً ليس سوى مرآة لأحلامنا ووجداننا وذكرياتنا.