ما زال الأمير السعودي الوليد بن طلال يبحث له عن موطئ قدم في الساحة السياسية السعودية المتقلبة هذه الأيام. إمبراطور «روتانا»، فقد بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز في كانون الثاني (يناير) 2015، الحظوة والرعاية الملكية التي كانت تظلله. وها هو اليوم يحاول استعادتها عبر الإعلام، وتحديداً قناة «العرب» التي تستعد للانطلاق من الدوحة هذه المرة بعد إغلاقها في البحرين في شباط (فبراير) الماضي، على خلفية استضافتها مساعد الأمين العام لجمعية «الوفاق» البحرينية المعارضة، خليل مرزوق (الأخبار 4/2/2015). هذه المرة، عادت القناة السعودية إلى الأضواء، يحيط بعودتها المرتقبة الكثير من الغموض والأسرار، كونها ما زالت مغضوباً عليها في دوائر القرار السعودية.
المحطة التي أقفلت بسبب «عدم التزام القائمين عليها بالأعراف السائدة في الخليج»، كانت محطّ أحاديث طويلة في كواليس الإعلام عن أسباب وإخفاقات نقل مقر القناة الأسرع إغلاقاً في تاريخ البث التلفزيوني، إلى لندن أو بيروت، أو حتى قبرص، لكن الوجهة الأخيرة ربما ستكون العاصمة القطرية.
إطلاق القناة في أيلول المقبل بالكادر الإعلامي نفسه

وحتى استكمال الإجراءات القانونية، نقلت مصادر حكومية قطرية أنباء عن توقيع اتفاق لإطلاق القناة السعودية في أيلول (سبتمبر) المقبل. أمر استدعى تصريح المدير العام للقناة الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، بأنّ «العرب» ستنتقل بكامل كادرها القديم وصيغتها التحريرية السابقة التي تصبّ في خدمة السياسة السعودية.
خشية الملياردير السعودي، من انقلاب القطريين على قناته الوليدة، حال حدوث تقارب سياسي قطري مع الجانب السعودي، يضعه الوليد في الاعتبار، يعينه في ذلك عدم الكشف حتى الآن عن قبوله بامتيازات مالية ولوجستية وفسح أميري، عطفاً على تجربته مع التقديمات الملكية البحرينية التي انتهت بمكالمة حاسمة من ديوان رئيس الوزراء.
القناة التي لقِّبت بـ «صاحبة البث الواحد»، ستعود بالوجوه الإعلامية نفسها التي تعاقدت معها، كالعراقية ليلى الشيخلي وزوجها الإعلامي جاسم العزاوي، إلى طارق العاص المذيع السابق في «بي. بي. سي». كما سبق أن وقّعت «العرب» اتفاقاً مع قناة الاقتصاد الأميركية «بلومبيرغ».
العودة المرتقبة أثارت حديث النشطاء حول مستوى الحريات في الخليج، بعد تحوله إلى معتقل كبير خلال السنوات الخمس المنصرمة من عمر ما بات يسمى بـ «الخريف العربي»، إذ علق الكاتب البحريني نادر المتروك على قرار إعادة افتتاح قناة «العرب» السعودية في الدوحة، بالقول: «مبروك العودة بـ «العرب» إلى الخليج، من حسن الحظ أن قطر ليس فيها معارضة، حتى لا تضطر لاختبار القناة باستضافتها. نترقبكم بقلق». المتروك ترك تساؤلاً مشروعاً على صفحة خاشقجي على تويتر الذي صرح سابقاً بأنّ قناته ستكون مخصصة للترويج للسياسة السعودية. وغرّد المتروك: «لماذا لا تبث من المملكة إذن؟ مالكها أمير سعودي، وهدفها خدمة سياستها. سؤالي لطلب التوضيح، لا الجدل أو الاستنكار». وأعطى مدون آخر خاشقجي وصفة سريعة لاغلاق «العرب» مجدداً، خلال ساعات كما حدث في البحرين، بالقول: «إذا تبغي بداية ناجحة ومهنية، أجرِ مقابلة مع الشاعر القطري المفرج عنه محمد بن الذيب في أول يوم بث».