بفارق متقارب جداً (شهران تقريباً)، تتوالى أمسيات مجموعة «مَيَال» لموسيقى عصر النهضة العربية، وآخرها هذا المساء في مسرح «دوّار الشمس». إذا كانت «الوصْلة» باعتبارها قاعدة موسيقية تقليدية، هي أساس أمسيات الفرقة، فالوتيرة الثابتة التي تعتمدها للظهور على جمهورها، تجعل من سلسلة إطلالاتها وصْلة كبيرة. بمعنى أن على المرء متابعتها، تماماً كما يتابع الحاضر في الأمسية الواحدة الوصلات بأجزائها المتتالية. قد يُفهَم من هذا التشبيه أنه استعارة أدبية. لكن في الواقع، إذا كانت المتابعة السمعية لـ«الوصلة» مسألة أساسية للولوج إلى جو السلطنة المراد منها، فرَصْد تحركات «مَيَال» شرطٌ ضروري لدخول عالم موسيقى عصر النهضة، إذ إن المجموعة فريدة من نوعها، أقله في لبنان.
أما من جهة الفرقة، فهذه مسألة هامة، تعزز التزامها بمشروعها وبعملها الجاد، وتؤمن لها التطور الدائم الذي نلاحظه في كل مرّة.
وهذا التطوّر يطاول عموماً التفاهم بين أعضاء الفرقة، ومستوى الموسيقيين في التنفيذ والتقاسيم المرتجلة (أحمد شبّو: كمان، عماد حشيشو: عود، بلال بيطار: قانون، عبد قبيسي: بزُق وعلي الحوت: رقّ). أما مغنية المجموعة دالين جبّور (الصورة)، فقدّمت حتى الآن كل ما عندها من رصانة وصوت مهذّب وحسّاس. غير أنّه يمكنها، مع توالي التمارين والحفلات، إدراك حدود طاقاتها، لتفادي تلك الهفوات الطفيفة الناتجة من خلل التعادل بين التعبير عن الأحاسيس والقدرات الصوتية (عند التطريب والارتجال).
إذاً هذا المساء تطلّ «مَيَال» على جمهورها المتنامي، وفي برنامجها ثلاث وصلات في مقامات مختلفة. الأولى (في مقام البياتي) تتضمن بشرفاً وموشحاً (يا غزالاً صاد قلبي) بالإضافة إلى طقطوقة «لما انت ناوي تغيب على طول» من ألحان محمد عبد الوهّاب. وتُختتم الوصلة بقصيدة «ما لي فتِنتُ بلحظك الفتّاك»، تسبقها تقاسيم وليالي. الوصلة الثانية (في مقام الجهاركاه)، تُستهَل بدولاب (قالب موسيقي آلاتي) يليه موشّح «إنت سلطان المِلاح» ودوْر «صبحت من عشقك أبكي» يفصلهما موّالٌ وتقاسيم وليالي. وختام الأمسية مسك مع وصلة (في مقام الحجاز كار كُرد) تنتهي برائعة سيّد درويش «أنا هويت وانتهيت»، ويقدِّم لها سماعي لطاطيوس أفندي يليه موشحان من ألحان عمر البطش.



ميال: 8:30 مساء اليوم ــــ «مسرح دوّار الشمس» (بيروت) ـــ للاستعلام: 381290/ 01