الدار البيضاء | شخصية عام 2011 في المغرب لم تكن سياسية ولا إعلامية ولا حتى اقتصادية أو ثقافية، بل... فنية. لقد استحقّ مغنّي الراب معاذ بلغوات هذا اللقب بعد مرور أكثر من مئة يوم على اعتقاله في إحدى زنازين الدار البيضاء بتهمة اعتدائه بالضرب على محمد دالي من «حركة الشباب الملكي»، لكن هذه التهمة الرسمية «ملفّقة ومزيّفة» بالنسبة إلى أصدقاء وجمهور مغني الراب المشهور باسم «الحاقد». علماً أنّ الأخير تحوّل إلى رمز من رموز التحرّك الشعبي السلمي في المغرب. ويرى مناصروه أنّ السبب الحقيقي لاعتقاله سياسي، ويتعلّق بمضمون أغنياته التي تتغنّى بالحرية، وتنتقد النظام الحاكم، والأوليغارشية المتحكمة في مصير الفقراء.
ويقول أحد أصدقاء المغني المغربي لـ«الأخبار» إنّ «الشخص الذي ادعى أن معاذ اعتدى عليه وسبّب له كسراً في الأنف، وعجزاً لمدة 45 يوماً، كان حاضراً خلال الهجوم على جريدة «أخبار اليوم» («الأخبار» 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2011) أي بعد ثلاثين يوماً من هذا الاعتداء المزعوم، ولم تظهر عليه آثار الكسر ولا العجز، والصور تثبت ذلك». وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المشتكي لم يحضر مرة واحدة لمواجهة معاذ في المحكمة «هل يخشى أن تؤثر المواجهة في صدقية روايته؟ أم أن الأمر يتعلق بقضية سياسية تتجاوزه أصلاً؟ ولماذا يظهر القاضي كل هذه المرونة مع المشتكي، الذي لا يجيب عن استدعائه للجلسات؟» يتساءل الناشط غالي بنسودة. ثم يضيف: «المعطيات المتوافرة تؤكد أن معاذ اعتقل لأنه مزعج للسلطة... ولأن كلمات أغانيه غير مرغوب فيها». ويشير إلى إحدى أغانيه التي يقول فيها: «مقاتلين نجيبو الطرف وطرف الخبز صعيب في المغرب والمغرب كالو الديب خلا لينا غير عضيمة»، أي إن الشعب يكافح فقط لتوفير لقمة عيش وكسرة خبز وهو أمر صعب في المغرب لأن الوطن التهمه ذئب ولم يترك لشعبه سوى عظام صغيرة.
أما من الجهة القانونية، فيبدو لافتاً تأجيل القاضي المستمرّ لجلسة النظر في الملفّ، ورفض إطلاق سراحه مؤقتاً. إلا أن هيئة الدفاع عن «الحاقد» وحملة المطالبة بالإفراج الفوري عنه، لا تزالان تواصلان احتجاجهما على سير العدالة المغربية. ويقول مصدر حقوقي لـ«الأخبار» إنّ استمرار التوقيف الاحتياطي لمغني الراب يبقى غير مبرر «هو لا يمثل أيّ خطر على المجتمع، ويملك عملاً وسكناً ولا يحمل حتى جواز سفر لتخشى السلطات من مغادرته أرض الوطن».
إذاً تحوّل معاذ بلغوات إلى رمز لـ «حركة عشرين فبراير» المعارضة، التي تحتجّ في المغرب منذ أكثر من عشرة أشهر. وحتى اليوم، لم يصدر أي قرار لإخلاء سبيله. ولا يزال «الحاقد» يغنّي في زنزانته «مغاربة عيقو» (أي أفيقوا أيها المغاربة)، فهل تتحقّق أمنيته؟