في موازاة استعدادهم لمواجهة ألكسا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، توجّهت أنظار السوريين إلى أبناء بلدهم ممن تقطّعت بهم السبل في مخيمات النزوح، أو يفترشون أرصفة الشام. بدأ روّاد العالم الافتراضي بدقّ جدران الموقع الأزرق للحثّ على المساعدة عبر إطلاق المبادرات، وبعضهم اكتفى بالاستغاثة الافتراضية. مبادرة «بكفّي» على الفايسبوك أطلقت فعاليةً بعنوان «حنيّة وشتوية»، حيث سعت إلى جمع «الأغطية الصوفية، والملابس الشتوية، وأيّ وسائل تدفئة في حال وجدت».
بدأت الحملة أخيراً من دمشق وطرطوس، ثم توسّعت لتشمل حلب، وحماة، والسويداء، ونشرت الصفحة أرقاماً للتواصل مع القائمين عليها في المدن المذكورة. كذلك، اقترحت صفحة «دوبارة» حلولاً تحثّ فيها أهل الشام على مساعدة المهجّرين، كتأمين سكن مؤقت خلال فترة المنخفض الجوي. كما ختمت نداءها بالقول «إذا ضربت العاصفة دمشق. بترجاك تعزم هالعيلة المشردة ع بيتك وتستضيفهم لكم ساعة على الأقل». وأطلقت مجموعة «بسمة وزيتونة» التطوعيّة لخدمة اللاجئين السوريين في لبنان نداءً عبر صفحتها على الفايسبوك للتبرّع بمبالغ مالية تساعد في شراء كرات صوف تقوم سيدات المشغل الذي تديره، بحياكته على شكل قبعات وقفازات، وتوزّع على اﻷطفال في منطقة عرسال البقاعية. فيما انطلقت أيضاً على فايسبوك اللبناني حملات لجمع تبرّعات للنازحين اتقاءً لصقيع الكسا. واستباقاً لما سيكون، بدأت مجموعة من أهل الفن في سوريا بإطلاق تدوينات تملؤها الحسرة والحزن على الحال التي وصلها أبناء بلدهم بين نار الحرب، وبرد ألكسا. كتب الممثل أيمن زيدان على الفايسبوك «لا تملك أمهات سوريا سوى الأغاني الدافئة ليحمين أطفالهن من الصقيع. لست واثقاً أنّ هذه الاكذوبة البريئة ستنطلي عليهم هذه المرة. فكل أهازيج الدنيا ما عادت قادرة على منحهم قسطاً من الدفء، لن ننسى أنه في الليلة الأولى بعد الالف، صدق الحمام أكذوبة ذبحه، وسفح دمه، ولم ينم الصغار».وفي حوار ساخر بين شخصين افتراضيين، صاغه خيال الكاتب فادي قوشقجي، «في انتظار الكسا، لن يطغى بريق اسم العاصفة على حقيقة أنّها ستضرب كل الأطراف المتصارعة من دون التفريق بينهم، لتبدو في الآخر رماديّة. هي لا تنحاز لأحد وفقاً لقوانين الصراع الدارجة في المجتمع السوري مؤخراً». يقول قوشقجي في تدوينةٍ أخرى «لكل من يحمل جنسية البلد الذي كان حضناً دافئاً. لمن شعر يوماً ببرد بلاده، لكل من يحمل جنسية البلد الذي قدّم سقفاً لمن لا سقف له في وطنه. لكل سوري لا يجد اليوم سقفاً يقيه الثلج: تباً لكل من ساهم في أن تكون هناك. ولو بكلمة حقد».