هي «غزوة السفارة الإيرانية»، غرّد الشيخ سراج الدين زريقات على حسابه على تويتر، معلناً تبني «تنظيم القاعدة» التفجير المزدوج الذي وقع في منطقة بئر حسن على مقربة من السفارة الإيرانية في بيروت. إنّها عملية «استشهادية لبطلين من أبطال أهل السنة» رداً على تدخل حزب الله في سوريا.
مقولة تبنتها بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، التي راحت تبرّر هذا التفجير، ولو اختلفت المصطلحات والتعابير والأساليب.
منطقة التفجير التي تقع فيها السفارة الإيرانية، تضمّ أيضاً مكاتب لقنوات إقليمية ومحلية. قناة «الميادين» كانت أوّل من نزل إلى الميدان. ساعدها على ذلك القرب المكاني من التفجير، فنقلت المشاهد الأولية التي كشفت عن هول ما حدث من دمار، وجثث متفحمة في الطرقات. قناة «الواقع كما هو» أيضاً كانت سبّاقة في دخول حرم السفارة، فرأينا رئيس مجلس إدارتها غسان بن جدو يتحدّث عن التفجير ليحظى بعدها بأوّل حديث للسفير الإيراني غضنفر ركن آبادي عبر الهاتف للاطمئنان إلى صحته وصحة الطاقم الدبلوماسي الموجود هناك. وكان لافتاً تناقل هذه المقابلة الصوتية عبر القنوات المحلية، وخصوصاً مع إعلانه امتلاك السفارة شريطاً يوثّق العملية الإرهابية. العين بعد ذلك اتّجهت إلى «المنار» القائم مبناها أيضاً بالقرب من مكان التفجير. بثت القناة في البداية صوراً ثابتة بعيدة، قبل أن تنزل إلى الميدان وتعاين الأضرار البشرية والمادية، وتدخل السفارة، وتجري بالصوت والصورة مقابلة مع السفير الإيراني. وبرز هنا الاتصال مع رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» أمين الجميل، الذي دعا إلى الوحدة والتكاتف في وجه الإرهاب..
وكما جرت العادة مع التفجيرات التي هزّت الضاحية وطرابلس أيضاً، جاء التبرير الفاضح للجريمة من بعض وسائل الإعلام. السيناريو عينه تكرّر أمس، مع قيام المحطات المناوئة لـ «حزب الله» بتوجيه أصابع المسؤولية له. كان طبيعياً أن تفتح «المستقبل» هواءها لشخصيات «شيعية» معارضة للحزب، أمثال الصحافي علي الأمين، ومحمد عبد الحميد بيضون، فبدأ الحديث عن معركة القلمون واستعدادات كل من «حزب الله» والنظام السوري مقابل فقر المعارضة السورية في امتلاك السلاح. باقي القنوات المحلية وزّعت نفسها على المستشفيات المجاورة لمعاينة الجرحى وإعطاء حصيلة أولية عن الشهداء. وكان لافتاً أنّ lbci كانت أول من أذاع بعض أسمائهم، قبل الانتهاء من الإحصاء الرسمي من قبل الجهات المعنية. بينما تمنّعت «الميادين» عن ذكر أي اسم في انتظار صدور الأسماء كاملة. mtv أيضاً قطعت برمجتها المعتادة، وفتحت استديوهاتها لاستضافة السياسيين والمحللين. وكما اعتاد الإعلام المحلي التخبّط في المصطلحات بين «شهيد» و«قتيل»، توزّعت التوصيفات بين القنوات وأبرزها mtv. الأخيرة اعتمدت مصطلح «قتيل» على خلاف «المنار» التي وصفت الضحايا بـ «الشهداء». ولعلّ الأمر الأكثر قساوة كان اقتحام كاميرات التلفزة جثث الضحايا المتفحمة على الأرض على نحو فجّ.
فضائياً، بدت التغطية فاقعة ومبرّرة للإجرام الذي حدث. في هذا المجال بالتحديد، تفوّقت القناة الفرنسية الناطقة بالعربية «فرانس 24» على خطاب أيّ فضائية معروفة التوجّه. مع انضمام مراسلة lbci السابقة اليها جويس خوري، بدا الأمر مستغرباً في التغطية. قالت خوري أثناء تغطيتها للحدث إنّ «أطرافاً سورية معارضة تحمّل إيران مسؤولية ما حدث»، لتورد بعد ذلك أنّ «الدولة غائبة ويلزمها قرار سياسي لوقف الدم اللبناني»، ومحملة إياها مسؤولية «السماح للمقاتلين بالعبور من لبنان واليه». وانتقدت خوري خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، فقالت إنّه «أسهم في هذا التفجير».
مع اللحظات الأولى للحدث وغياب bbc عن المواكبة إلى وقت متأخر، أفردت «الجزيرة» منبرها للاتصالات السياسية للوقوف على ما حدث. ولم تنس القناة عبر مدير مكتبها في بيروت مازن ابراهيم الربط بين كلام نصر الله الأخير والتفجيرين. أردف ابراهيم بالقول «كان هناك خوف من ارتدادات هذا الخطاب على الصراع السوري الذي سينعكس حتماً على الداخل اللبناني». أما «العربية»، فأفردت أيضاً شاشتها للحدث ووصفت منطقة بئر حسن بأنها تقع «عند أطراف الضاحية معقل حزب الله». ولم ينس مراسلها عدنان غملوش القول إن من يقطن فيها هم من «الميسورين مادياً». لعل السقطة الأبرز في هذا الحدث سجلت لوكالة «رويترز»، التي كانت تضخّ معلوماتها في أولى لحظات التفجير. السقطة تمثلت في إذاعتها أن صاروخين أطلقا على هذه المنطقة وأديا إلى حصول هذه الأضرار الفادحة في الأرواح والممتلكات. ولاحقاً، صحّحت الخبر، لكن بعدما تناقلته وسائل الإعلام قاطبةً.


يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab




اليسا «تعبنا منك»!

يبدو أنّ إليسا تحبّ في كل فترة إعطاء درس في السياسة (والأخلاق) في الوقت غير المناسب. فور وقوع الانفجار الذي ضرب منطقة بئر حسن أمس، أعادت المغنية اللبنانية نشر تعليق retweet لأحد متابعيها، حيث يقول «حزب الله يقاتل في سوريا... والأبرياء في لبنان يضرسون». وانهالت التعليقات السلبية على «القواتية الشرسة»، التي تعرّضت لهجوم عنيف بسبب هذا التشفي والتبرير اللذين تمارسهما أمام الجريمة. وكانت إليسا قد اثارت الجدل قبل أشهر، حين صرّحت بعد انفجار الرويس، بأنّها المرة الأولى التي لن تستنكر فيها ما حدث (الأخبار 19/8/2013)!