يمنى العيد
عند الكلام على رئيف خوري الناقد الأدبي، علينا الأخذ في الاعتبار كونه مفكّراً مناضلاً، سعى إلى إقامة مجتمع العدالة والحريّة. من هذا المنطلق، ربط بين الأدب كنتاج فني وبين قضايا المجتمع. الأدب في نظره ليس ترفاً، بل هو نتاج مندرج في سياق الحياة بما هي حياة الشعوب، والأدب معنيّ بتقدّمها ورقيّها. وهو أي الأدب، وحسب تعبير رئيف خوري، مسؤولٌ عن هذا التقدم والرقي. تناول رئيف خوري، شأن نقاد زمنه، مسألة العلاقة بين الشكل والمضمون، ليوضح أنّ اهتمامه بالوظيفة الاجتماعيّة للأدب لم يكن على حساب الشكل.

الشكل، في نظره، جماليّة لا تنفصل عمّا يتمثّل فيه من معانٍ وأحاسيس. وبمعنى آخر، الجماليّة ليست مجرّد شكل، بل هي رهينة ما يزخر به الأدب من معانٍ إنسانيّة، وما يولده من أحاسيس ويتركه من أثر. في هذا السياق، أكد رئيف خوري على جماليّة اللغة، أو على الجمال الصوتي، أو الموسيقى في عبور الكلام من التلفّظ إلى السّماع، جاعلاً من هذه الموسيقى اللفظيّة عنصراً يصبّ في قيمة الأدب. يقول: «إن الجرس الموسيقي الجميل ضروري في مفردات الكاتب». كما أوضح أن الجماليّة هي في «استاطيق العبارة». وعليه، فإنّ النقد الأدبي، في نظره، يبقى ناقصاً إذا أهمل الاستاطيق واقتصر على التاريخ والتحقيق التاريخي، والتحليل النفسي. «فهذا كله يفسّر الأدب... ويصوره فعلاً لا فاعلاً». يتوسّع رئيف خوري في دراسة المسألة اللفظيّة ـــ الصوتيّة ـــ مقترباً، من جهة، من علم الأصوات الحديث، ومقدماً من جهة ثانية إضاءةً جديدة لوظيفة التعبير اللغوي في جماليّة الأدب. هكذا يمكن القول بأنّ رئيف خوري كان ناقداً أدبياً واسع الثقافة، عميق الرؤية، لم يمنعه اهتمامه بقضايا المجتمع من التعمق في معنى الأدب والحرص على جماليّته، وبالتالي بلورة منظور نقدي أكّد فيه على هذه العلاقة العضويّة بين الشكل والمضمون.

ناقدة لبنانية تشارك في المئوية ضمن محاضرة تحمل عنوان «رئيف خوري ناقداً»
يتخلّل الاحتفالية عرض فيلم وثائقي عن رئيف خوري من إخراج سمير يوسف وربيع قصيباتي، فيما تغنّي أميمة الخليل من شعر رئيف خوري وألحان هاني سبليني