انطلاقاً من مناظرة «لمن يكتب الأديب: للخاصّة أم للكافّة»، تنجلي الصورة عن مشروع رئيف خوري. يومها، دافع عن توجّه الكاتب إلى الجماهير لا إلى النخب. هذا الفكر المتجذّر في كتبه مطابق لممارساته اليومية، فهو «لطالما اهتم بتثقيف مجتمعه وبالآخرين» تقول ابنته ملكة خوري خياط لنا. وإن لم تكن السنوات القليلة التي عاشتها ملكة وإخوتها الخمسة برفقة والدهم قبل وفاته في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 1967، كافية لتبنّي صورة واضحة عنه، إلا أنها تذكر تواضعه والمنزل المفتوح أمام الجميع «المتعلم وغير المتعلم، الفقراء والأغنياء».تشير أقوال ابنته إلى السمعة «الطيبة» التي يتناقلها عنه أصدقاؤه، والحس الفكاهي الذي طالما أشار إليه الراحل سهيل إدريس. لكن أولوية هذه الأكاديمية في «الجامعة الأميركية في بيروت» اليوم، هي الاهتمام بإرثه.

الروايات وكتب النقد الأدبي والقصة القصيرة والمقالات والدراسات والشعر التي صدرت بمعظمها عن «دار المكشوف» قبل عقود، بدأت تخرج إلى الضوء مجدداً. أعاد أبناء رئيف إصدار مؤلفاته، وتجميع المفقود منها. وهم بذلك اختاروا الجانب الجوهري للحفاظ على تجربة والدهم وإحيائها بعد حوالى أربعة عقود على رحيله. بدأت الرحلة مع إصدار العائلة أربعة من كتبه عن «دار الساقي» هذا العام، هي رواية «الحب أقوى» (1950)، و«الدراسة الأدبية» (1939) التي يتناول فيها أسس النقد الأدبي، و«مع العرب في التاريخ والأسطورة» (1942) الذي ينهل فيه بعض القصص والحوادث من التاريخ العربي، و«الفكر العربي الحديث، أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي» (1943). كذلك يقبع مؤلّفه «ديك الجنّ، الحبّ المفترس» (المكشوف ــ 1948) تحت الطبع حالياً، كما تحضّر العائلة لثلاثة مؤلّفات أخرى يُتوقع إعادة إصدارها: تجميع أشعاره في كتاب، وإصدار كتاب آخر حول نظرته إلى القومية، بالإضافة إلى كتابه الشهير «حقوق الإنسان من أين وإلى أين المصير؟». تقوم العائلة بجهد شبه فردي. بمساعدة أبناء رئيف، وبلدية نابيه، و«المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» و«الحركة الثقافية _ أنطلياس»، وبعض الأصدقاء والزملاء. وقبل أيام، أزاحت نابيه الستار عن نصب تذكاري لابنها عند مدخل البلدة، فيما تشارك العائلة اليوم في الاحتفالية المخصصة له من خلال كلمة تلقيها ملكة خوري، إضافة إلى بعض استعادة أشعار والدها النادرة والقديمة.