عماد أبو غازي *ظل دكروب حتى رحيله علامة من علامات الفكر العربي التنويري لها مكانتها الراسخة ودورها الذي ظلت تؤديه من دون كلل. رغم كل الظروف المحبطة في عالمنا العربي، ظلّ ممسكاً برايات الأمل وقيم العدالة والحرية والتنوير بطريقة جعلته أكثر شباباً من الجميع. على الصعيد الشخصي، عرفته في عام ١٩٨٨. ومنذ ذلك التاريخ وأشكال تواصلنا ممتدة حتى أيامه الأخيرة، حيث لم يتمكن من الرد على الاتصالات ربما بسبب تدهور وضعه الصحي. نشرت في مجلة «الطريق» واحدة من أهم كتاباتي عن الجذور التاريخية لأزمة النهضة وتحولت في ما بعد الى كتاب بفضل التشجيع الذي وجدته من دكروب.

تشجيع جمع بين فضائل المعلم وحنو الأخ الأكبر ودعم الصديق الذي لا أظن أنّ إسهامه في تاريخ الحركة الشيوعية العربية يمكن نسيانه. فقد أرخ لهذه الحركة ولا سيما في لبنان بنزاهة جعلته شاهداً أميناً على تحولات رافقت تلك الحركة عالمياً وعربياً. وأظن أنّ السمة الشخصية الغالبة في دكروب ترتبط بإخلاصه لمبادئه وهدوئه اللافت في قدرته على الحكم ببعض الأمور وهي سمات جنبته اتخاذ مواقف انفعالية وجعلته عقلانياً في أصعب الأمور. هذه العقلانية أكثر ما سنفتقده مع غيابه، الى جانب عصاميته كمثقف. صنع كل ما صنع استناداً إلى جهد شخصي، فهو أستاذ بلا أستاذه، لكنه ترك الكثير من التلاميذ الذين سيفتقدونه بشدة.
* وزير ثقافة سابق ومؤرخ مصري