بعد عودة مصطلح «شكراً قطر» للتداول في لبنان أوّل من أمس بين سخرية وتثمين حقيقي لوساطة الدوحة في ملف المخطوفين اللبنانيين التسعة، كانت قناة «الجزيرة» لا تزال تتنقّل في ضاحية بيروت الجنوبية بحذر وكأنّها في حقل ألغام. حبل الودّ بين المحطة القطرية وجزء كبير من الشعب اللبناني كان قد انقطع مع تطوّر الأحداث في سوريا، وتغيّر سياسة «الجزيرة» في تغطيتها للاحتجاجات في العالم العربي والتحريض والفبركة اللذين مارستهما في سوريا، فصارت القناة ومن خلفها قطر ضمن «المغضوب عليهم».

ويوم وقع انفجار الرويس (الضاحية الجنوبية) في 15 آب (أغسطس) الماضي، كان مدير مكتب «الجزيرة» في بيروت مازن إبراهيم يتلطى خلف السيارات في شارع عبد النور المحاذي لمكان الانفجار خوفاً من أن يتعرّف إليه أحد. يومها، قدّم إبراهيم رسائله المباشرة بصوت خافت خشية تنبّه أحد إلى أنّه صحافي. علماً بأنّ إبراهيم هو ابن بلدة أنصار الجنوبية، وأحد داعمي «الثورة» في سوريا، كما يصنف نفسه ضمن «عقلاء الشيعة»، أو أولئك الذين يتبعون نهج النائب عقاب صقر.
وبعد نحو شهرين من انفجار الرويس، ومع إعلان نجاح «المبادرة القطرية» في إطلاق المخطوفين اللبنانيين التسعة في سوريا، توقّع كثيرون أنّ الأمور على الأرض ستصبح أكثر سهولةً بالنسبة إلى العاملين في «الجزيرة»، وكان السؤال: هل سيكون هناك «شكراً قطر 2» في الضاحية؟ هذا السؤال تحديداً كان همّ مذيعة «الجزيرة» غادة عويس أول من أمس. حاورت المذيعة اللبنانية مراسل القناة رائد فقيه الموجود في منطقة حي السلم (الضاحية) أمام مقر «حملة الصدر» لتغطية عملية الإفراج عن «المخطوفين اللبنانيين». وهو مصطلح قرّرت «قناة الرأي والرأي الآخر» اعتماده أخيراً، بعدما كانت تستخدم عبارة «المحتجزين اللبنانيين في سوريا». توجّهت عويس إلى فقيه بسؤال مفاده: «هل هناك ارتياح للوساطة القطرية لدى أهالي منطقة الضاحية الجنوبية؟». المراسل الذي كان شاحب اللون وشديد الارتباك لم يسمع السؤال، على حد زعمه، فكررت عويس السؤال، قبل أن يعطيها فقيه إجابة فضفاضة لم تلامس الهدف. مراسل القناة الذي لم يكن يحمل ميكروفوناً يعرّف بقناته، أكمل رسالته من دون أن يقدّم محتوى جدّياً، بل كانت المعلومات التي تلاها على الهواء أقل من عامة. إذاً، دخلت «الجزيرة» الضاحية الجنوبية من بوّابة حي السلّم، بعد انقطاع طويل، فهل تعود المياه إلى مجاريها بعد التدخّل القطري في قضيّة المخطوفين، أم أنّ ما أفسدته الشاشة القطرية لا يصلحه الزمن، وخصوصاً أنّ كثيرين يرون أنّ لقطر اليد الطولى في عملية خطف اللبنانيين من الأساس؟