هنا انتظَرنا.
هنا، في هذا الكهفِ البربريّ،
صلّينا لوصولِ العدالةْ
وتَصَدّعتْ قلوبُنا في انتظار السعادةِ والحبّ.
هنا انتظرنا.
هنا تألّمنا وبكينا.
هنا خِفْنا، وعانينا مِن أجلِ ما لا يستحقُّ المعاناة.
وهنا حَلمْنا.
هنا قلنا: لا بدّ من الأمل.
وهنا، هنا،
فقدْنا كلَّ رجاء ووَقَعنا ميّتِينْ.
هنا قَبَرْنا اللّـه.
*
ما يُنتَظَرُ كما يُنتَظرُ الموت
ليسَ عدالةً ولا حُبّاً.
ما يُخشى عليه أو يُخشى منه
ليس عدالةً ولا حبّاً.
في الخوفِ لا يُؤْمَلُ نورٌ ، ولا تتفتّحُ زهرة.
في الخوفِ تَصيرُ الآلهةُ عدوّةً للبشر.
في الخوفِ تَكثرُ الظلمةُ وتَزدهرُ الثعابين.
في الخوفِ يَضحكُ العدمْ.
*
هنا، على هذه الرقعةِ الداكنةِ مِن الترابِ والوقت،
وقَعْنا ميّتِين.
بقلوبٍ مَرضوضة، وأدمغةٍ خائرة، وأجنحةٍ مُثَقّبة
هنا، حيثُ لا تَصلحُ الحياةُ ولا يَسهلُ الحب،
هنا، هنا
حيثُ الهلعُ يَشُلُّ القلب، والتعاسةُ تُوْجِع البدن،
وقعنا ميّتين.
أحدُنا (جميعُ أحدِنا) توأمُ الآخرِ وذبيحتُه.
في أحشاءِ كلٍّ منّا شهوةُ الوحش وصرخةُ المستغيث،
وفي كفِّ كلٍّ منّا -حيثُ يَرْتَسِمُ خطُّ الحياة-
علامةٌ سهلةُ القراءة
لا تَدُلُّ إلّا إلى جهةِ الهلاك.
هنا، ما عادَ يُفيدنا الأمل.
مِن كثرةِ ما حَلُمْنا العدالةَ أكَلَتْنا المذبحةْ
ومن شِدّةِ ما هَيّأنا لأعراسنا
وقَعْنا في ظلامِ المأتم.
*
ما عادَ يُفيدُنا الأمل.
مثلما تفعلُ قطّةٌ بفراشة
ذبحنا الحبَّ وأجهزْنا على حُلمِ السعادة.
ولا عادَ يفيدنا انتظارُ الحقيقة:
وحدها الحقيقةُ خاطئة.
.. .. ..
أبداً!
ما عاد يفيدنا الأملُ ولا الانتظار.
الأبديّةُ هي ما فقدناه،
وقبورُ الناس مِن حولنا
مليئةٌ بعظامِ الحقائقِ والأحلام.
17/8/2012