قد يبدو طرح سؤال الانتاج السينمائي في اليمن مشابهاً لفيلم «صيد السلمون في اليمن» (2011) للسويدي لاس هالستروم المقتبس عن رواية بالاسم نفسه للكاتب بول توردي. كيف الصيد ولا سلمون في اليمن من الأساس؟ صوِّر الفيلم في لندن واسكوتلندا والمغرب، من دون تنفيذ مشهد واحد في اليمن السعيد. مع ذلك، هناك سينما في اليمن، أو كان هناك انتاج وصالات في هذا البلد الذي وُضع أهله في قائمة «الغرائب». وإن كان الحديث عن الانتاج اليمني قد يبدو محدوداً لجهة الكميّة، إلا أنّ الحال ليست كذلك حين نتحدّث عن وجود الصالات السينمائية الحديثة فيه منذ منتصف السبعينيات وحتى ما بعد حرب الخليج الثانية بسنوات. بين هاتين الفترتين، شهد المناخ الاجتماعي انفتاحاً على السلوك السينمائي. كان دخول الصالات متاحاً للجنسين، ولم تكن هناك موانع تحدّ من ذهاب الناس إلى العروض المنتقاة من أحدث الانتاجات العربية والغربية. واستمر الوضع على هذه الحال إلى أن هبطت موجة التنظيمات الجهادية، فأُغلق كل شيء بعد تحالف غامض بين النظام السياسي السابق وشباب المجاهدين.
اغلاق استمر طويلاً إلى أن جاء مخرج يمني شاب هو بدر بن هرسي (1968) المقيم في بريطانيا ليحاول كسر هذه الحالة باخراج «يوم جديد في صنعاء القديمة» (2005ـ الصورة) من بطولة اللبنانية دانيا حمود واليمني نبيل صابر. محاولة لم تكن مفروشة بالورود. وقع في أسلاك التكفيريين وحرّاس الأخلاق الذين أعلنوا قلقهم على بنات المدينة القديمة رغم عدم اقتحام السيناريو لأي تابوهات اجتماعية أو دينية.

نجح الشريط في الخروج إلى النور بصعوبة تماماً كما نجح في نيل جائزة «مهرجان القاهرة» لأفضل فيلم عربي، ومشاركته في دورة «مهرجان كان» كأول فيلم يمني يحقّق هذا السبق. وفي نهاية الاسبوع الماضي، انتهى المخرج سمير العفيف (1970) من تصوير فيلم يمني بعنوان «ضيعناه» يقارب تناقضات المجتمع اليمني ويضعها بقسوة على طاولة التشريح. من خلال هذا العمل، يحاول القائمون على المشروع إعادة فتح الصالات المُغلقة في بلادهم ودعوة الناس مجدداً إليها. مهمة ليست سهلة وسط تغول الجحيم الأصولي المنتشر في البلد. سمير العفيف يرى أنّ إحداث ثغرة في جدار القهر الحاصل ما زال ممكناً كأنه يتناسى المصائد التي مرّ منها فريق العمل كي ينجح في إتمام الفيلم. من جهته، يتشبّث مؤلف ومُنتج الفيلم الكاتب فكري قاسم (1974) بضرورة إعادة الاعتبار لهذا الفن الذي أسكتته أثقال المتغيرات السياسية والاجتماعية في اليمن.