في عالم الموضة، يستخدم مصطلح «ثورة» للتدليل على انقلاب مصمّم على التقاليد وابتكاره أزياء عصرية. يقال: «شكلت أزياء المصمم فلان الفلاني ثورة في عالم الموضة». ويقال أيضاً: «العارضة فلانة الفلانية تحدث ثورة في معايير الجمال». من هنا ربما يمكن فهم علاقة «الثائر» عقاب صقر بالثورة السورية. الرجل، بلا شك، أحدث ثورة في معايير الثورات، وشكّلت «تصاميمه» السياسية ثورة في عالم الإعلام. حين أطّل من منبر مارسيل غانم، آثر أن يظهر بصورة مواكبة للموضة، مع بدلة أنيقة وتسريحة مصففة بعناية ولون بشرة مشغول، إما على الشواطئ الفرنسية، أو داخل مراكز التجميل التي تمتلك تقنية الـ«سولاريوم».
وما كان ليكون ذلك مستفزاً، لو لم يكن نائباً في البرلمان، يدّعي أنه مهدد بالقتل (أكثر من وليد جنبلاط وسمير جعجع) بسبب مشاركته «المدنية» في الثورة السورية، عبر إمدادها بالحليب والبطانيات والمواد الأولية التي يزوده بها الرئيس سعد الحريري، القابع بدوره في أحد القصور الفرنسية و«يناضل» هناك مع الشعب السوري. كان هذا «اللوك»، وخصوصاً «البرونزاج» ليكون موضع ترحيب، لو أن صقر لم يشكُ في الحلقة من راتبه الشهري كنائب الذي يصرفه كمستحقات لموظفين يعملون لصالحه ولصالح كتلته.
الرجل «فقير» لا يكفيه راتبه، ويستغرب كيف يتهمه كثيرون بأنه يقيم في أفخم الفنادق بين باريس وتركيا. ومع أنه لم ينكر تنقله بين مجموعة من البلدان الأوروبية، يريد أن يقنعنا بأنه لا ينزل في الفنادق حين يزور هذه البلدان، بل يفترش الأرصفة كما يفعل الكثير من النازحين السوريين اليوم، ويعاني كرمى لعيون الثورة السورية. وإذا تسنى له الوقت، يذهب بجولة «شوبينغ»، ثم يدخل الـ«سولاريوم» ويحللها ليرى ما إذا كانت تصلح لإتلاف السلاح الكيماوي بعد مصادرته من مخازن النظام السوري. لم يختر عقاب صقر على الغالب «اللوك» الذي ظهر فيه أول من أمس.
كانت إطلالته عفوية! الرجل كان منهمكاً في «الثورة» على الصورة النمطية للثوار، وتقديم نفسه كـ«جغل» الثورة السورية التي تبدو مع عقاب كأنها تناضل لإطاحة بشار الأسد لأنّه «ديموديه»، فخرج من «البيسين» حين تلفن له مارسيل من أجل المقابلة، وذهب ليرتّب أموره قبلها، ويعيد حفظ بعض «التكتيكات» اللغوية التي يستخدمها كمواكبة إضافية للموضة، فيحوّل «المقاومة» إلى «مقاولة»، ويبتسم كأنه اكتشف الماء الساخن، ثم يحول «كتلة الوفاء للمقاومة»، إلى «كتلة الوفاة للمقاومة»، ولا تكاد الدنيا تسعه من الفرح لأنه «اخترع» هذه اللعبة «الذكية» على الكلام! كيف سيتمكن الشعب السوري من ردّ الجميل لعقاب؟ هذا هو السؤال الذي يؤرق السوريين هذه الأيام، أكثر بكثير من الكيماوي والتدخل الخارجي و«داعش» وبطش النظام. كيف يمكن شعباً أن يردّ إلى «مناضل كبير» كعقاب صقر، ساعات البرونزاج التي أمضاها على شواطئ أوروبا وفي الـ«سولاريوم» دعماً للقضية الأساس: إطاحة بشار الأسد؟! كيف؟!