الدار البيضاء | بعد ملفها الشهير «الخطر الأسود» الذي أذكى غضب الجمعيات الحقوقية والإعلاميين المغاربة، تعاود مجلة «ماروك إيبدو» الفرنكفونية الأسبوعية الانزلاق في العنصرية عبر غلاف عددها الأخير الذي حمل عنوان «المغرب يقع في الفخ». يأتي العدد الجديد (13 ــ 19 أيلول/سبتمبر) تزامناً مع نقاش في المغرب حول الهجرة بمختلف أشكالها، إثر تقرير أصدره «المجلس الوطني لحقوق الإنسان». التقرير يشير إلى الخلل في أوضاع المهاجرين، النظاميين منهم والمخالفين، وإلى هشاشة أحوال اللاجئين بسبب التعقيدات القانونية. وجاء التقرير أيضاً بعد صيف شهد حوادث أطلقت صافرات الإنذار حول علاقة المغاربة بالمهاجرين، وخصوصاً أفارقة جنوب الصحراء. حوادث كمقتل مواطن سنغالي، واغتصاب رجال أمن لمهاجرة، وإلقاء آخر من سيّارة أمن وفق ما أفادت به جمعيات حقوقية. يناقش ملف المجلة تقرير «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، ويتحدث كاتبه عن مجيء عشرات آلاف من المهاجرين غير الشرعيين المتحدرين من دول جنوب الصحراء إلى المغرب، مضيفاً أنّ عددهم «تضاعف أربع مرات خلال السنوات القليلة الماضية»، كما حاول كاتب المقال الدفاع عن «ضيافة المغاربة الأسطورية» للمهاجرين، بينما تشير العديد من الحوادث التي وقعت خلال العام الماضي، إلى تنامي العداء تجاههم.
ونفت «ماروك إيبدو» وجود مخالفات للقانون مورست في حق المهاجرين، فيما لفتت تقارير حقوقية صادرة عن منظمات أهلية وغير حكومية مغربية وجمعيات حقوقية دولية إلى أنّ السلطات عنّفت مهاجرين كانوا يحاولون العبور إلى أوروبا عبر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين من إسبانيا. المنظمات الحقوقية أبدت قلقها من تزايد التعامل اللاإنساني مع المهاجرين، وخصوصاً على الحدود المغربية ــ الجزائرية التي تتبادل سلطات البلدين الاتهامات في ما يخص تهريب البشر والمخدرات والإرهاب عبرها.
الاستنكارات التي استهدفت المجلة الفرنكفونية مجدداً تعود إلى إصرارها على ترسيخ الصورة النمطية للمهاجرين من دول جنوب الصحراء، مثل القول إنّهم غير نظاميين، ومجرمون يسرقون وظائف المغاربة، لكن الواقع أنّ عدد المهاجرين النظاميين الذين يتابعون دراساتهم العليا في الجامعات المغربية، والعاملين في شركات دولية أو في مهن تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني، أكبر بكثير من أولئك «السرّيين» الذين تُقدّر بعض المنظمات أنّ عددهم لا يتجاوز العشرين ألفاً.



شركاء في الفخ

سبق لـ«ماروك إيبدو» أن أصدرت قبل عام ملف «الخطر الأسود»، وأشارت فيه إلى المهاجرين كـ«خطر أمني يهدد المجتمع»، مما أغضب المجتمع المدني وآخرين خارج الحدود، لكن تصوير المهاجرين على أنّهم «الشر القادم من الخارج» لا يتوقف عند المجلة الناطقة بالفرنسية، بل إنّ صحفاً مغربية ومواقع إلكترونية عديدة، تسقط يومياً في هذا الفخ. هناك من تحدث عن «أفريقيات ينشرن الإيدز، وعن مهربي كوكايين وعصابات ترويج للمخدرات». المشترك بين هذه الوسائل الإعلامية أنّها تتنكر لتاريخ المغرب كبلد عبور، ولكونه خليطاً من الإثنيات والأديان، وأنّه لطالما كان مُصدّراً ومُستقبِلاً للهجرات.