حين كان هيثم حقي طالباً في موسكو، قال له معلّمه الروسي ليف كوليشوف: «تعالَ لأوقّع لك أنك ستكون مخرجاً مهمّاً». بالفعل، صار حقي «شيخ المخرجين السوريين». لكنّ رفيق دربه ومدير إنتاجه الأبرز فهر الرحبي، لم يصادف في حياته مَن قال له إنّه سيصبح من أهم مديري الإنتاج في تاريخ الدراما السورية. منذ مسلسل «صور اجتماعية»، العمل الأول لجمال سليمان، والرحبي يعمل في مجال الإنتاج. تلاه «شبكة العنكبوت» و«هجرة القلوب إلى القلوب»، و«غضب الصحراء» وعدد كبير من الأعمال التي شكلت انطلاقة حقيقية للدراما السورية في الفضاء العربي.
من خلال هذه الأعمال، استطاع الرحبي تقديم فرص جيدة لممثلين شباب يقع اختيارهم أحياناً على مدير الإنتاج. كذلك، تمكّن من دعم مخرجين شباب صاروا لاحقاً أرقاماً صعبة في عالم الإخراج التلفزيوني. على يد نيقولا نصر وجورج بشارة، تعلّم الرحبي أصول المهنة التي يلخّصها اليوم لـ«الأخبار» بأنّها «تخطيط وتنفيذ كل ما هو إداري ومالي في العمل الفني». ويضيف شارحاً: «مدير الإنتاج هو أول شخص يدخل موقع التصوير، وآخر شخص يغادره يومياً». لا يعتبر الرحبي أنّ هيثم حقي معلّمه، رغم أنه كان نديم خطواته، وهو من ساعده على تطوير مهنته بسرعة كبيرة، إلا أنّه عمل مع عدد كبير من المخرجين السوريين، منهم نجدت أنزور، وحاتم علي، وسيف الدين السبيعي، وإيناس حقي. ولشبكة «أوربيت»، أعدّ الخطط الإنتاجية لأعمال لم يتمكن الجمهور من متابعتها؛ لأنها عرضت على قناة مشفرة كـ«الحصرم الشامي»، و«أولاد القيمرية»، و«أبو خليل القباني». اليوم، يتنقل «أبو موفق» بين دمشق وبيروت ويستعد للسفر إلى أبوظبي لإبرام اتفاقات مع شركات طيران وفنادق ومطاعم تتكفل بتقديم خدماتها للمسلسل التسعيني المعرّب «الأخوة» الذي تستعد شركة «كلاكيت» لإنتاجه، لكنها لم تعتمد له مخرجاً حتى الآن، ويرجح أن يكون حاتم علي.
أثناء الإعداد لهذا العمل، كتب الرحبي على صفحته الشخصية على الفايسبوك: «بعد مرور وقت طويل على تغريبتنا السورية، أرجوكم زوّدودني بأسماء فنيين سوريين مقيمين في الخليج»، لتتحول الجملة إلى نداء حقيقي تفاعل معه عدد كبير من المهتمين بالدراما السورية، وشاركته عشرات الصفحات الافتراضية. عن هذا النداء، يفصح الرحبي: «لم أتوقع حجم التفاعل مع هذا التعليق العابر؛ لأني لم أكن على دراية بأن هناك عشرات الفنيين السوريين الذين انتقلوا إلى الخليج، وغالبيتهم لا يعملون. ونحن بحاجة إلى عدد كبير من الفنيين في مسلسلنا، فكان واجباً التواصل معهم، وبالفعل حصلت على أرقام نحو 50 فنياً من مختلف الاختصاصات، وسأباشر بالتواصل معهم لمجرد وصولي إلى الإمارات وبدء العد العكسي للتصوير».
رغم تأسيس عشرات الصفحات لجمع فنّيي الدراما السورية وجنودها المجهولين ومحاولة هذه الصفحات أن تكون دليلاً موثقاً يمكن الرجوع إليه، إلا أنها ظلت تجارب خاوية لم تحقق غايتها، فيما استطاع تعليق «شيخ كار الإنتاج» لمّ شمل عشرات الفنيين الذين غرّبتهم أزمة بلادهم وأدخلت بعضهم نفق البطالة!