القاهرة | الفرحة التي اجتاحت الناشطين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي أوّل من أمس بعد تسويد شاشة «الفراعين» التي يملكها ويقدّم برنامجها الرئيسي الإعلامي توفيق عكاشة، لم تكن فقط «شماتة» بإغلاق القناة التي تخصّصت في وصلات السب والقذف في وجه معارضيها عبر اختلاق الأخبار وتلفيق الروايات، لكن أيضاً بسبب افتقارها إلى المؤيدين في صفوف الثوّار وجماعة «الإخوان المسلمين» على حد سواء.
في ساعة مبكرة من ليل السبت الماضي، قررت الحكومة فجأةً إغلاق المحطة وتسويد شاشتها من دون أي تبرير. لكن سرعان ما أصدر مصدر مسؤول بياناً وزّع على مجموعة من الإعلاميين فسّر فيه سبب هذه الخطوة الحكومية، مؤكداً أنّ «الفراعين» دأبت على «مخالفة مواثيق العمل الصحافي، وخاضت في الأعراض، وانتهكت الحرمات الشخصية، فضلاً عن بثّ الوقيعة وتهديد السلم المجتمعي ومكتبسات ثورتي «يناير» و«يونيو»».
«الفراعين» التي تعلوها لافتة كبيرة كتب عليها «قناة العرب أجمعين» في مقرّها في «مدينة الإنتاج الإعلامي» في القاهرة، أُغلقت أوّل من أمس في ظل اكتفاء الجهات المعنية بعبارات مقتضبة تشبه تلك التي استخدمتها الدولة عند إغلاق القنوات الدينية التي دعمت الرئيس المصري السابق محمد مرسي خلال فترة حكمه تزامناً مع عزله.
يمكن أيّ مراقب استنتاج مجموعة من العوامل التي أدّت إلى إغلاق المحطة التي عارضت «الإخوان المسلمين» بشدة خلال وجودها في الحكم وساندت الرئيس المخلوع حسني مبارك. القرار جاء بعد أيام قليلة من ظهور توفيق عكاشة على شاشتها وتهديده وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عبر برنامجه «مصر اليوم»، مطالباً إيّاه باعتقال المنتمين إلى «الطابور الخامس التابع للجماعة، وإلا فسيحدث ما لا يعلمه إلا الله».
كذلك، تضمّنت الحلقة الأولى والأخيرة من برنامج «على مسؤوليتي» لمرتضى منصور هجوماً عنيفاً على جميع الأطراف السياسية المصرية وعلى الكثير من الشخصيات العامة ورموز ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو»، فيما مثلت للمعنيين في الشأن الإعلامي «خرقاً فاضحاً لميثاق الشرف الإعلامي». وكان منصور الرئيس السابق لـ«نادي الزمالك»، قد انضم أخيراً إلى القناة، وقدّم الحلقة الأولى من برنامجه الأسبوعي (الجمعة) قبل نحو 10 أيّام، علماً بأنّ دعاوى قضائية عدّة رفعت ضد البرنامج للمطالبة بوقف بثّه، كذلك إنّ الجلسة الخاصة للنظر فيها حددت في 5 تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل.
ويثير القرار الذي صدر بشكل مفاجئ مخاوف خبراء الإعلام لجهة استمرار سياسة إغلاق القنوات بقرارات إدارية من دون أحكام قضائية نهائية من «محكمة القضاء الإداري» المختصة بالنظر في هذه الدعاوى. سياسة تشبه تلك التي اتبعها نظام الإخوان المسلمين في التعامل مع القنوات المعارضة من خلال التلويح بإغلاقها بقرارات رسمية من جهات الاختصاص الحكومية.
وسط كل هذه التطوّرات، تتسارع وتيرة المطالبة بإنشاء «المجلس الوطني للإعلام» الذي نص عليه دستور 2012 المعطل بديلاً من وزارة الإعلام، مع وضع ميثاق الشرف الإعلامي للمحطات الفضائية، الذي كان يُفترض أن يرى النور منذ أشهر عدّة.
وكانت قناة «الفراعين» التي انطلقت في 2008 قد تعرّضت للإغلاق مرّات عدّة كان أوّلها في 2010، فيما أوقفت عن العمل بعد «ثورة 25 يناير»، إضافة إلى توقّفها عن البث لمدّة شهر إثر صدور حكم قضائي من «المحكمة الإدارية العليا» في آب (أغسطس) 2012 ، قبل أن تحتجب في العام نفسه لأسابيع عدّة بسبب أزمة مالية طاحنة كادت تؤدي إلى إغلاقها نهائياً.