مرة جديدة، تنسحب أفلام الحركة أمام وهج الأفلام الكوميدية الخفيفة. في هذه الفترة من السنة، تخلو الصالات عادةً من الأفلام المميزة. غير أنّ الصخب أتى من حيث لا يتوقعه كثيرون، وتحديداً من المخرج راوسن مارشال ثوربر الذي لا تحوي سيرته أياً من الأفلام الضاربة. لكن ها هو يفاجئنا بعمل أجاد خطف الملايين إلى الشباك التذاكر، فنجح حيث أخفق الآخرون. منذ الجزء الاول من Hangover، لم نحظَ ربما بكوميديا جدية كفيلم «عائلة ميللر» We›re the Millers.
كوميديا لا تعتمد على المواقف المركبة ولا على تهريج الشخصيات، بل بساطة التمثيل وعفوية الاحداث المتراكمة والمواقف المحرجة التي يوقع أبطال الفيلم أنفسهم فيها. يتحدث العمل عن دايفيد بيرك (جايسون سوديكس) المروّج الصغير للمخدرات الذي يتعرّض للسرقة، فيضطر لتهريب كمية كبيرة من المخدرات عبر الحدود المكسيكية الأميركية كي يسدّ دين مديره. لتنفيذ الخطة، يبتدع عائلة مستعيناً بجارته راقصة التعري روز (جنيفر أنيستون) وجاره الشاب البتول كيني (ويل بولتر) والصبية المتشردة كايسي (إيما روبرتس)، فيتنقلون جميعاً في حافلة حيث تكثر المغامرات الطريفة وغير المتوقعة، خائفين من الشرطة وهاربين من عصابة مخدرات مكسيكية. القصة مثيرة، وتركيبة الشخصيات وحدها تمنح الفيلم نكهة مميزة، فكيف إذا أضيف اليها كمٌّ هائل من المواقف المحرجة والعقد المسلية التي تجعل كل دقيقة في الفيلم مغامرة؟
ولعل خيار «الابتذال» الذي اتبعه الكاتب كان ناجحاً هذه المرة. معظم خياراته الكوميدية كانت لمواقف «منحرفة» نوعاً ما تعتمد على المواقف الجنسية، لكنها لم تكن ثقيلة بقدر ما اتسمت بالغرابة المحببة.
غير أنّ أفضل ما في الشريط كان الكتابة الفنية للشخصيات الأربع التي لا تتشابه بشيء، وكل منها كتب بأسلوب خاص من كاتب منفصل، مما جعلها مشغولة جيداً، بالإضافة إلى نجاح المخرج في تركيب توليفة من الممثلين ابدعوا في أدائهم، خصوصاً جايسون سوديكس الذي أثبت نفسه مجدداً على لائحة الممثلين الكوميديين. أيضاً، بدت جنيفر أنيستون أكثر توهجاً رغم أنّ أداء رقصات التعري لم يناسبها لا سيما الرقصة التي تؤديها كاملة في العمل وأظهرتها أكبر سناً من القيام بدور مماثل. لكن ما خلا هذا المشهد، كان أداؤها لافتاً، على عكس ايما روبرتس التي بدت أضعف من زملائها. أما «قطفة الموسم» فكانت مع ويل بولتر الذي كان اداؤه الأكثر تميزاً واستطاع تجسيد إحدى أصعب الشخصيات، فكان الأكثر صدقاً وعفوية واقناعاً. كان أداء الفريق كفيلاً بسدّ الثغر التقنية، خصوصاً أنّ الفيلم من الأعمال الخفيفة ذات الميزانية المنخفضة (لم تتعد كلفة انتاجه 30 مليون دولار). أما النتيجة فهي 181 مليوناً على شباك التذاكر والرقم في ازدياد. وهذا ما لم تحققه أكثر الأفلام كلفة هذا الموسم. لذا، إن كنتم تبحثون عن فيلم خفيف ومسل ومضحك، ما عليكم سوى التعرّف إلى «عائلة ميللر».



We’re the Millers: صالات «غراند سينما» ــ للاستعلام: 01/209109