القاهرة | على خلاف لجنة المئة الأولى التي وضعت دستور مصر 2012 المعطّل، ولم تضم سوى اسمين ينتميان إلى مجال الثقافة، هما الشاعر فاروق جويدة، والفنان أشرف عبد الغفور، ها هي مؤسسة الرئاسة المصرية تعلن أخيراً تأليف لجنة الخمسين لصياغة الدستور الجديد. ضمّت اللجنة الجديدة ستّ شخصيات تنتمي إلى الوسط الثقافي، مع وجود تحفّظ على نسبة تمثيل المرأة فيها.
وكان المتحدث باسم الرئاسة السفير إيهاب بدوي قد أعلن موافقة الرئيس المؤقت عدلي منصور على قرار جمهوري بتأليف لجنة الخمسين التي ضمّت محمد سلماوي عن اتّحاد الكتاب، والمخرج خالد يوسف عن النقابات الفنية، ومحمد عبلة عن التشكيليين، والشاعر سيد حجاب عن المجلس الأعلى للثقافة، كذلك شملت اللجنة الروائي حجاج أدول ممثلاً عن النوبة، والروائي مسعد أبو فجر ممثلاً عن سيناء.
من جهتهم، اتفق معظم أعضاء اللجنة على أهمية «معركة الدستور»، وإقرار الحريات الشخصية والعامة، وصيانتها من أي اعتداء مادي أو معنوي. يقول التشكيلي محمد عبلة لـ «الأخبار»: «أنكبّ حالياً على جمع مقترحات الكتّاب والفنانين والمثقفين والهيئات الفنية والثقافية وتطلعاتهم إزاء الدستور الجديد»، مشدّداً على أنّ مسألة حرية الرأي والتعبير والنشر، وما يرتبط بمختلف الأنشطة الإبداعية والفكرية، تعدّ شغله الشاغل ضمن حدود دوره في صياغة الدستور. يتفق معه الشاعر سيد حجاب، الذي يرى أنّ تفادي مشكلات الماضي، وخصوصاً التعدي على الحريات العامة والشخصية، يعدّ مسألة جوهرية في صياغة الدستور الجديد، بغية تفادي تكرار تجارب ما عُرف بقضايا الحسبة ضد نصر حامد أبو زيد وحلمي سالم وغيرهما، إضافة إلى العمل على عدم عودة الاستبداد السياسي مرة أخرى. إلا أنّ أولوية المخرج خالد يوسف تتمثل في «القتال من أجل حصول الفقراء والمهمشين والمظلومين في الدستور على حقوقهم»، مطالباً بضرورة أن يتضمن الدستور الجديد «فكرة التوزيع العادل للثروة». يشدّد صاحب «حين ميسرة» على ضرورة تعديل المواد القائمة في الدستور كي تتحول شعارات العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية إلى مواد تنفّذ وتطبق بصورة قانونية من خلال وضع نصوص واضحة. وكان يوسف قد قال في مداخلة تلفزيونية عبر فضائية «النهار»، إنّه سيعمل على تجريم قيام الأحزاب على أساس ديني، وعلى إلغاء المادة 219 من الدستور المعطل المعروفة بالمادة المفسّرة للشريعة أو «مادة حزب النور السلفي».
لا تبدو رئيسة «جمعية نهوض وتنمية المرأة» الناشطة الحقوقية إيمان بيبرس راضية عن تمثيل المرأة في اللجنة. في حديث لــ «الأخبار»، ترى أن غياب النساء في لجنة الخمسين، نكسةً في الحركة النسائية، وتكرار لأخطاء الماضي، إذ تصف الأسماء النسائية التي ضمتها اللجنة بـ «المخيبة للآمال» وخارج التوقعات، فهي «أسماء غير معروفة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، فضلاً عن تجاهل الأسماء المتخصصة في حقوق الطفل». وأقرّت بأنّ دهشتها تزداد في ظل وجود الكاتبة سكينة فؤاد في منصب مستشار الرئيس لشؤون المرأة، فيما أعرب «المجلس القومي للمرأة» في بيان على لسان رئيسته ميرفت التلاوي، وعضوة لجنة الخمسين عن صدمته من كيفية تمثيل المرأة في اللجنة. وكشف أنّ المجلس رشّح 20 سيدة، لكن اختير 5 منهن، وأكد البيان أنّ الاختيار يمثل استهانة بدور المرأة، بعدما كان المجلس ينتظر اختيار عشر سيدات على الأقل في اللجنة.
ومن جهة أخرى، تقدمت «حركة الدستور الثقافي» لرئاسة الجمهوربة بأربعة مقترحات تطالب بضمها في وثيقة الدستور الجديد، أولها أنّ «الهوية المصرية مركبة، متعددة الأبعاد، تتضمن الحضارات المصرية القديمة، والقبطية، والعربية الإسلامية، والثقافات الفرعية (كالنوبية والبدوية) والثقافة الشعبية، ومكتسبات الثقافة العالمية، فيما تمتلك العربية الإسلامية مكانة خاصة في قلب الهوية المصرية»، فيما يشدد المقترح الثاني على أنّ «الحرية هي الأصل. وتضمن الدولة الحرية الكاملة للفكر والمعتقد، وحرية ممارستها بكل الأشكال. وأي اعتداء مادي أو معنوي على تلك الحريات، أو التحريض عليها بأي شكل، ومن أي جهة أو طرف اعتباري أو طبيعي، جريمة وفقاً للإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير؛ ويقع في الصدر من هذه الجرائم جريمة «التكفير». ويضع المقترح الثالث الثقافة إبداعاً وتلقياً في قلب المجتمع بوصفها «حقاً أصيلاً للمواطنين. والمؤسسات الثقافية أحد ممتلكات الشعب المصري، ومسؤوليتها ومهمتها تكمنان في أن تكون ساحة مفتوحة لتحقق الإبداعات الثقافية المختلفة، بلا توجيه أو قسر أو بيروقراطية». وأخيراً يحمّل المقترح الرابع الدولة مسؤوليةً في دعم الكيانات الثقافية المستقلة والفاعلين الثقافيين (الأدباء والفنانين) بلا مقايضة، «فالرعاية والكفالة وتكافؤ الفرص حق للمثقفين لدى الدولة». إذا تحقّقت هذه المطالب، وأُدرجت في الدستور الجديد، يكون المثقفون قد أحرزوا خطوةً متقدّمةً نحو دستور عصري يكرّس الاختلاف ويحتفي به!



القاهرة: دمشق في القلب

«هنا دمشق» شعار رفعه المحتجون والرافضون لشن العدوان الأميركي المحتمل على الجمهورية العربية السورية، في أكثر من فعالية؛ حيث نظم عدد من القوى السياسية والحزبية وقفة احتجاجيه أمام السفارة الأميركية رفضا لشن أي عدوان غربي على سوريا، وشارك في الوقفة أعضاء التيار الشعبي، الحزب العربي الناصري، حركة كفاية، وحركة الديمقراطية الشعبية، وحملة «تحرر» لا لكامب ديفيد، وغيرها، هاتفين ضد الولايات المتحدة ورئيسها باراك أوباما، ومحذرين من التهاون تجاه أي عدوان على دمشق باعتباره خطرا على الأمن القومي المصري والعربي، وهتفوا «اللي هيضرب الجولان بكرة هيضرب سد إسوان»، كما نظم النشطاء وقفة مماثلة أمام القنصلية الأميركية بمحافظة الإسكندرية، حاملين لافتات «هنا دمشق»، «لا للتدخل الأجنبي»، «لا للعدوان على سوريا»، وغيرها. من جهة أخرى نظمت الجبهة الوطنية لنساء مصر، التي تضم 15 حزبا، مؤتمرا في مقر حزب «التجمع»؛ لعرض موقف الجبهة الداعم لسوريا، والرافض للعدوان الأميركي المحتمل. وعلى الرغم من رفض كثير من أبناء الجالية السورية في العاصمة المصرية العدوان على بلادهم، فإنهم لم ينظموا أي فعاليات خاصة ترفض العدوان. ويفسر البعض صمت السوريين المقيمين في القاهرة نتيجة للأوضاع الأمنية التي تعيشها مصر، وفرض حالة حظر التجوال، منذ أسابيع عديدة.