لعل الجديد في هذه الروحية أن محررها جلب معه شيئاً من أجواء مجلة «بانيبال» التي لا تزال تصدر باللغة الإنكليزية، وتلعب دوراً مميزاً في تقريب النصوص العربية إلى القارئ الأجنبي.
لقد حرص صموئيل شمعون في باكورة «كيكا» الورقية على أن تكون فسحة لحوار فعال وقراءات مقارنة، وإن كان ذلك بطرق غير مباشرة، بين الترجمات والنصوص العربية. كأن شيئاً من خبرة «بانيبال» يجد مكاناً سلساً ولائقاً في زميلتها العربية، بغض النظر عن الاختلافات الأخرى بين المجلتين. وحين نقرأ أن «كيكا» هي «فصلية تُعنى بشؤوت الأدب العالمي»، كما ورد في تعريفها العريض، فإننا نجد أن هذه النيات متحققة في مواد المجلة التي يُراد لها، بحسب ما كتب شمعون في الافتتاحية، أن «تعيد الاعتبار إلى دور المجلات الأدبية في العالم العربي في إنتاج أدب عربي خلاق، أدب حقيقي يحمل جميع المواصفات الجمالية والإبداعية المطلوبة التي تشكل جوهر الأدب: اللغة والموضوع وتقنيات أساليب السرد». المجلة التي تنشرها «دار الجمل» تعدنا بأن «تخصص الكثير من صفحاتها للأعمال المتميزة المترجمة من الآداب الأجنبية»، بينما يحضر الأدب العربي «من خلال أفضل النصوص الإبداعية»، تعدنا أيضاً بأنها «ستكون مفتوحة على جميع الاتجاهات الأدبية والفكرية، ولا تخضع لأي إيديولوجية أو عقيدة، وترفض الرقابة وتؤمن بحرية التعبير».
ما يُحسب للمجلة أنها تضم نصوصاً أجنبية لأسماء غير تقليدية، وتعرّف قارئ الضاد بتجارب شبه مجهولة في ثقافات متعددة. هكذا، نقرأ قصة للأميركية ماغي إيستب (1963)، وقصة للكورية الجنوبية كيم إنسوك (1963)، وفصلاً من رواية جديدة للكاتب اللبناني المقيم في كندا راوي حاج (1964). ونقرأ ملفاً يضم نصوصاً لأربعة كتاب أميركيين ذوي أصول عربية هم: نعومي شهاب ناي، لورانس جوزيف، حيان شرارة، غريغوري أورفيليا. إلى جانب هذه الترجمات، نقرأ قصائد لأمجد ناصر، وفصولاً لثلاثة روائيين عرب هم: كاظم الحلاق، عواد علي، ضياء الجبيلي. ومقالات لفاضل العزاوي ورجاء عالم وحسونة المصباحي وحسين الموزاني. ما يميز مواد المجلة هو صلتها القوية بالثقافات المعاصرة، وتجلياتها السردية والشعرية والبصرية. هناك احتفاءٌ بالصورة التي تُخصص لها مساحات لافتة ضمن الإخراج العام للعدد. احتفاءٌ مجلوب بذكاء من المجلات الأجنبية ومن ثقافة الصورة وحيوية زمن الانترنت. بطريقة ما، تشتغل «كيكا» بعكس ما تشتغل عليه مجلات عربية عديدة تراهن على المكتوب فقط. لعل جزءاً من النجاح المرتقب للمجلة الوليدة هو مزجها بين شكلها الورقي وروحيتها الإلكترونية.