لا يعرف ابن «فنّان الشعب» المهادنة أو المواربة، فهو اعتاد إطلاق مواقفه الإشكالية غير آبه بالبلبلة التي قد تتبعها. في محاذاة الحديث عن مسلسله الأخير الذي قدّم في رمضان الماضي، استهلّ المخرج السوري سيف الدين السبيعي حواره مع «الأخبار» بالتعليق على الحرب الأميركية المحتملة على سوريا، واصفاً ما يحدث بأنّه «في منتهى السريالية»، لأنّ من يصدّق أنّ الولايات المتحدة قلبها على الشعب السوري ومطالبته بالحرية والديمقراطية «فهو واهم واهم».
ورد السبيعي على المهلّلين للضربة الأميركية لبلاده بالقول:«تعانون من مشكلة قصر نظر وحالتكم تصيبنا بالغثيان»، مضيفاً أنّ «الحل عندنا. فلنحترم الأرواح التي أزهقت إلى الآن، ولنتراجع قليلاً عن تعنتنا المزمن، ولنجلس إلى طاولة حوار لنجد حلا يوفّر أرواح الأبرياء». يتحدّث صاحب «طالع الفضة» عن التطوّرات الراهنة ثم يتوّجه إلى أبناء وطنه قائلاً إنّه «لا أحد في العالم يريد للحرب أن تنتهي. إنّهم يستعملونكم كوقود للمزيد من الدمار. بالله عليكم أوقفو هذا الخراب!».
وفي الانتقال إلى مسلسله «الولادة من الخاصرة 3» (منبر الموتى)، كشف السبيعي عن بعض المشاكل التي واجهته خلال محاولته إنقاذ شركة «كلاكيت» للإنتاج بعد اعتذار المخرجة رشا شربتجي عن عدم إكمال التصوير. صحيح أنّه يوافق على بعض الأفكار التي قدّمها العمل، لكنّه لا يتبناه بالكامل. «لم يكن لدي الوقت الكافي لتعديل النص وتلافي عيوبه»، يقول المخرج السوري. ويضيف: «وافقت بسرعة لإنقاذ شركة الإنتاج من كارثة مالية، فالمشروع الذي يضم فريق عمل تجاوز المئات كان على وشك الانهيار».
لكن ماذا عن المآخذ التي سُجّلت على العمل، واعتبار البعض أنّه «قصف درامي، وتبنّ لما تبثه بعض القنوات الإخبارية، وذو رؤية فنية مربكة»؟ يجيب صاحب «الحصرم الشامي» بالقول إنّه «قد تحمل تلك الآراء جانباً من الصحة، فالعمل حاول مقاربة الواقع بحكاية درامية في وقت لا يمكن فيه اللحاق بهذا الواقع»، مضيفاً أنّ «العمل الدرامي لا يحمل عبء توثيق الواقع كما هو، إلا إذا تأمّنت ظروف إنتاجية هوليوودية». وعن بعض الزلات الإخراجية التي ظهرت في المسلسل، يرى السبيعي أنّها «لم تكن مؤثرة بشكل كبير، خصوصاً أنّ المشاهد تقبّل العمل رغم تغيّر كل مواقع التصوير». من جانب آخر، يرى مخرج «أولاد القيمرية» أنّ واحداً من أهم عيوب مسلسله كانت «قُصر نظر النص في تحليل الأزمة السورية»، مؤكداً أنّ العمل لاقى قبولاً في أوساط المعتدلين من مختلف الأطراف السورية، وقوبل بهجوم عنيف من قبل المغالين في الموالاة والمعارضة، مضيفاً: «لكن لم يكن لدي الوقت الكافي لتعديل النص وجعله أكثر عمقاً». يعترف صاحب «طالع الفضة» ويغوص في الحديث عن أكبر مشكلة واجهته أثناء التصوير عندما رشّح الممثلة السورية نسرين الحكيم لأداء دور صغير لا يتجاوز عشرين مشهداً، ففوجئ برفض الكاتب سامر رضوان للأمر، وذلك بعد اتفاق الممثلة مع الشركة المنتجة. لم تنجح المحاولات في إقناع رضوان بأنّ المخرج هو صاحب القرار، والمسؤول الوحيد عن نجاح أو فشل خياراته، بل وصل به الأمر إلى بعث رسالة تهدد بوقف التصوير في اليوم التالي، و«هذا ما حصل فعلاً». مع وصول الحكيم إلى موقع التصوير، «فوجئنا بإغلاق عابد فهد، بطل العمل، هاتفه وغيابه عن التصوير نزولاً عند رغبة رضوان، ما أجبرني على الاعتذار من الممثلة وإيقاف التصوير ليوم واحد»، يقول السبيعي قبل أن يطلق وعده الأكيد: «لن أتعامل مع هذا الكاتب بعد الآن مطلقاً. فهو لم يعد موجوداً بالنسبة إلي». وعن موقفه من النجم السوري عابد فهد، يؤكد السبيعي أنّه «حرصت على إبداء احترامي له. لكنّني استغربت تصرّفه الذي لا يمت إلى أخلاق المهنة بصلة»، مشككاً في أن «يتمكّن هذا الممثل من الوقوف أمام كاميرا أديرها بعد اليوم، حتى لو كان أهم ممثل في العالم».
يقرّ صاحب «تعب المشوار» بأنّ الهجمة على العمل وصنّاعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثناء عرضه أرعبته بسبب:«الشرخ الكبير في المجتمع السوري»، معرباً في الوقت نفسه عن تقديره لموقف الدولة السورية منه، مؤكداً أنّ «اعتقال سامر رضوان لم يكن له علاقة بالعمل، بل كان لسبب جنائي بحت».
يعكف السبيعي حالياً على تصوير فيديو كليب للأغنية التي أدّتها اللبنانية نادين صعب خصيصاً للفوتومونتاج الذي بث في الحلقة 22 من «منبر الموتى»، شرط أن تضم مشاهد من المسلسل، مكرراً بذلك تجربته مع المغني اللبناني ملحم زين عندما غنّى تتر مسلسل «أهل الراية».
رغم ما قيل عن تراجع الدراما السورية هذا الموسم، يعتقد المخرج السوري أنّها ستتمكن من إنجاز أعمال مهمة في الموسم المقبل بعد اعتياد صنّاعها العمل وسط الأزمات.





شامي لا محال


يصنّف سيف الدين السبيعي ضمن أهم مخرجي الدراما الشامية، خصوصاً أنّه ابن هذه البيئة وتشبّع بعادتها وتقاليدها. في هذا الموسم، لن يكون بديلاً لرامي حنا (الصورة) كمخرج للمسلسل المعرّب «الإخوة»، لكنّه يستعد لبدء تصوير مسلسلين شاميين قريباً؛ الأوّل هو «الدومري» لعثمان جحى، الذي كتب على جزءين ويحكي قصة شامية تدرو حول السلطة وجشع الوصول إليها، ومحاربة العالم من أجلها، فيما يؤكد السبيعي أنّه في طور تعديل نص هذا المسلسل، لا يخفي حماسته لعمل شامي آخر بعوان «حرملك» يكتبه حالياً خلدون قتلان. يتناول العمل دمشق أيّام حكم المماليك سنة 1340، وبحسب السبيعي فإنّ الرهان على تناول تفاصيل الحياة الاجتماعية في تاريخ عاصمة الأبواب السبعة بنكهة شامية خاصة. أخيراً، يؤكد المخرج السوري احتمال التصوير في استديوات خاصة خارج دمشق.