وعد الإعلامي مارسيل غانم، في حديث نشره موقع «ليبانون ديبايت» أوّل من أمس بأنّه سيردّ على الإنذار الذي وجهه إليه وزير الإعلام وليد الداعوق، في حلقة الليلة من برنامج « كلام الناس». كلّ متابع لعمل غانم، كان يمكنه أن يجزم أنّ الأخير لن يمرّر الأمر من دون رد. لا يسمح الإعلامي الأبرز على الساحة اللبنانية لأحد بأن يتعرّض له، والسوابق كثيرة في هذا المجال. وهو حتى لو لم يردّ هذا المساء، سيكون مؤكداً أن الأمور سُوّيت على مستوى أعلى. قد يكون حرص الإعلامي على عدم السماح لأحد بالتعرّض له، ولا سيما إذا كان صاحب سلطة، أمراً له إيحابياته. لكنّه يصبح مؤسفاً إذا قارنّاه بالطريقة التي تعامل فيها الإعلامي نفسه مع موضوع الصورة الخاطئة التي عرضها في برنامجه. فالرقم الصعب على الساحة الإعلامية غير مستعدّ للتعامل مع أمر يعنيه شخصياً، كما يتعامل مع أمر يعني جميع اللبنانيين. هو لم يردّ على الإنذار المكتوب بنص مكتوب، كما ردّ على حملة إلكترونية بتوضيح إلكتروني، سمّته نشرة أخبار lbci ليل أوّل من أمس «إعتذاراً». نعم، لم يجد غانم بأساً في عدم توضيح حقيقة الصورة التي عرضها عليهم، والاعتذار عن الخطأ الذي يقع فيه كثيرون. تصرّف على قاعدة: إذا كان من اكتشف الخطأ روّاد مواقع الكترونية، فليكن التوضيح مقتصراً عليهم. لا ضرورة لأن يعرف المشاهد غير الإلكتروني، ما هي حقيقة الصورة. هكذا، اكتفى بالتوضيح على الموقع الإلكتروني للبرنامج بأنّه لا يتحمّل المسؤولية، وأنّ «ضيف البرنامج الدكتور أحمد الأيوبي هو من زودنا بالصور حول تفجيرات طرابلس والضحايا وقد سبق للإعلامي مرسال غانم أن ذكر هذا المصدر خلال الحلقة».
بقدر أكبر من المسؤولية، برّرت المحطة الأمر في نشرتها الإخبارية. طبعاً، بعد صدور «فرمان» الوزير (كما سمته). فقد جاء التبرير في معرض الدفاع عن «برنامج تلفزيوني» (أيضاً كما سمته)، ذكرت فيه للمشاهدين أنّ غانم اعتذر وأنّ هناك من أوقعه في خطأ. علماً أن كلمة اعتذار لم ترد في التوضيح، كما لم ترد أي كلمة تشير إلى حصول «خطأ أوقعه فيه أحد ضيوف البرنامج» كما جاء في النشرة. بالفعل، يحتار المتابع في فهم طريقة تناول هذا الموضوع، سواء من قبل غانم، أو من قبل المحطة التي يعمل فيها. فهي لا تكشف للجمهور حجم الاستخفاف به فحسب، بل تكشف أيضاً كيف يرى العاملون فيها أنفسهم.
بالنسبة إلى الإعلامي الأبرز في لبنان، هو لم يخطئ، بما أنّه قال في سياق الحلقة إنّ الصورة التي ستعرض الآن حملها له أحد ضيوفه. يعني نحن أمام إعلامي يقول: أنا مجرّد متلقّ لما يقدّمه لي ضيوفي. أنا ساعي بريد! أمّا بالنسبة إلى المحطة الأبرز في لبنان أيضاً، «كلام الناس»، علامتها الفارقة، هو مجرد «برنامج تلفزيوني». يعني نحن أمام محطة تقول: برنامجي الأوّل لا يترك أثراً. وجوده على الشاشة مثل غيابه. فكيف يا معالي الوزير تبرّئ نفسك من الانفجارات على حسابه؟ كيف تتهم جزافاً يا معالي الوزير؟ أنا lbci، وحدي من يحق لها أن تتهم. أنا أحمّلك مسؤولية تخريب تلفزيون لبنان! تلفزيون الدولة الجميل، الذي نعرف كلّنا من خرّبه، وتعرف lbci ذلك أكثر منّا، بات في رقبة وليد الداعوق، الذي تقول عنه النشرة (وبمنتهى الخفّة) «لديه وظيفة أخرى غير تخريب تلفزيون لبنان».
أكثر من ذلك، للمحطة التلفزيونية مفاجآتها أيضاً. اسمعوا أيّها اللبنانيون: حتى لو كانت الصورة خاطئة، هناك جثث تفحّمت فعلاً في طرابلس. جملة لا يقال فيها إلا أنّها سوريالية. وكأنّنا أمام قناة تلفزيونية لا تعرف معنى الصورة، ولا أهميّة الصورة المواكبة لحدث، ولا الضرر الذي تلحقه الصورة الخاطئة بالحدث وضحاياه. إذاً، بالنسبة إلى المرآة التي تنظر فيها lbci إلى نفسها، نحن أمام إعلامي متلقّ، ومحطة تبثّ لنا برامج لا تقدّم ولا تؤخّر، وموظفين لا يعرفون وظيفة الصورة. هكذا يرى أهل البيت أنفسهم. رغم ذلك، المشكلة ليست هنا. المشكلة هي في أنّ هناك من لا يريد أن يصدّق هذه الحقيقة!

أعتبر عبد الهادي محفوظ رئيس «المجلس الوطني للاعلام» ان الاعتذار الذي قدمته lbci على موقعها غير كاف، وطالب المحطة بتقديم اعتذار على الهواء ضمن برنامج «كلام الناس» الليلة. كما دعا محفوظ المحطات الى وقف البرامج التي تستضيف العرافين والعرافات.