القاهرة | العنف الموجود في فيديو «جريمة خزان سيدي جابر» جعله حديث مصر والعالم بأسره، بعدما قرّرت وسائل الإعلام المصرية المناهضة للرئيس المعزول محمد مرسي والإخوان المسلمين عرضه مراراً عبر الشاشات. يصوّر الفيديو الذي لا تزيد مدّته على ثلاث دقائق، جريمة قتل صبية معارضين لمرسي بإلقائهم بوحشية من فوق السطوح. التسجيل الذي سمّي «جريمة خزان سيدي جابر»، التقطه مواطن في الإسكندرية يسكن بالقرب من عقار في منطقة سيدي جابر التي تشهد دوماً اشتباكات بين المواطنين وأنصار الإخوان المسلمين. لكن معدّل العنف المتزايد بعد سقوط مرسي، دفع الجرائم التي يرتكبها أنصاره إلى مستوى لا يتصوّره عقل، وجعل ردود فعل الأهالي أيضاً خارج نطاق السيطرة. الفيديو الذي يرسّخ أهمية المواطن الصحافي، يصوّر صعود أنصار مرسي من بينهم واحد يحمل علم تنظيم «القاعدة»، إلى سطح عقار فوقه خزان مياه يرتفع قرابة 5 أمتار، ويقف عليه صبية يقذفون أنصار مرسي بالحجارة من أعلى. الروح الانتقامية التي تسود الشارع كلّه في المحروسة، دفعت أنصار مرسي إلى الصعود أعلى الخزان وإلقاء صبيين من أعلى إلى السطح، ثم الإجهاز عليهما بالضرب بالآت حادة فوق الرأس والبطن. أحد شهود العيان قال إن أوّل من سقط عن الخزان كان متظاهراً إخوانياً، لكن زميله الذي ضربه فوق رأسه بعد سقوطه، لم يكن يعرف أنهما في صفّ واحد. الصبي المعارض توفي في الحال، وفقدت والدته النطق حزناً عليه، قبل أن تموت هي أيضاً فور انتهاء مراسم العزاء، وفق ما أكد نشطاء عبر تويتر الذي جرى تداول الفيديو عليه على نطاق واسع. وظهرت مقاطع فيديو أخرى للواقعة نفسها من زوايا مختلفة، وفيديو آخر لصبي يُقذَف من أعلى في منطقة أخرى في الإسكندرية والإجهاز عليه حتى الموت. وزارة الداخلية المصرية التي إنحازت إلى الشعب في تظاهرات «30 يونيو»، لم تكتف بتصريحاتها حول جهود القبض على مرتكبي الواقعة، بل لجأت إلى القنوات التلفزيونية الخاصة التي عرضت الفيديو وركّزت على كل تفاصيله. طلبت الوزارة من المحطات بثّ أرقام هواتف مديرية الأمن في الإسكندرية من أجل تواصل المشاهدين الذين يعرفون أيّ معلومات عن الجناة. فيما جاءت هذه الفيديوات لتدحض مزاعم الإسلاميين، بأنّ الإعلام يتغافل عن جرائم ترتكب بحقهم، لكون القتل المعتمّد بالإلقاء من أماكن مرتفعة لا يمكن أن يبرَّر أبداً بأنّه دفاع عن النفس. على الفور، استدعى النشطاء واقعة إلقاء المشجعين من أعلى مدرجات «استاد بورسعيد» في المذبحة الشهيرة العام الماضي (1/2/2012) التي راح ضحيتها 74 مشجعاً للنادي «الأهلي» في أقل من ساعة. بدت الأحداث التي تابعها المصريون منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك إلى ما بعد عزل محمد مرسي، بحاجة لإعادة مشاهدة وتدقيق من جديد. أما فيديو «جريمة خزان سيدي جابر»، فهو مرشّح للبقاء في الذاكرة طويلاً، وصورة الملتحي الذي يحمل علم تنظيم «القاعدة» لم تغب عن متابعي الفيديو، رغم أنه لم يقم بنفسه بقتل أحد. غير أنّ المصريين لم يصدّقوا أن أحد أتباع أسامة بن لادن يجاهر بانتمائه إلى التنظيم الشهير على سطح عقار في الإسكندرية. بينما الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يزال يضغط من أجل عودة محمد مرسي إلى القصر الجمهوري.