تونس | أول من أمس الاثنين، قامت ماجدة الرومي (1956) بزيارة «سرية» إلى ضريح المناضل اليساري شهيد «الحركة الديمقراطية التونسية» شكري بلعيد، الذي اغتيل برصاص مجموعة يعتقد أنّها قريبة من التيار الديني المتشدد في السادس من شباط (فبراير) الماضي. ووضعت الرومي باقة من الورود على ضريح الشهيد في مقبرة الجلاز، قبل أن تصرّح بأنّها زارت ضريح بلعيد وقالت له «سلم على الشهداء». وبدت الـ«ليدي» على قدر كبير من التأثّر، ورأت أنّ شكري بلعيد مات من أجل أفكاره المنتصرة للحرية التي يطالب بها التونسيون، وسيبقى شهيداً في قلوب ليس التونسيين فحسب، بل أيضاً «أنصار الحرية في كل العالم». وأكّدت صاحبة «كلمات» أنّها كلبنانية تعرف جيداً معنى أن يموت انسان من أجل أفكاره. وشدّدت على أنّ تونس «ستبقى نابضة بالحياة وتغني للمستقبل» وأنّ محاولات إرجاعها الى الوراء لن تنجح، وجددت تنديدها بالعنف، داعيةً كل الفنانين والمبدعين إلى الوقوف جبهة واحدةً ضده. وأضافت أنّ قلبها يتقطع بسبب ما يحدث في مصر، فـ «هذا البلد العظيم لم يخلق ليعود آلاف السنوات الى الوراء، بل خلق للفن والغناء».
ووجّهت الرومي رسالة إلى الشهيد بلعيد جاء فيها: «أنت متّ في سبيل تونس ومن حقك على الشعب التونسي أن تبلغ هذه البلاد السلام والامن. وأنا كلبنانية أقول لروح شكري بلعيد، سلامي الى شهداء الحرية، شهداء لبنان، كما أخبره أن دماءه لن تذهب هدراً، وأن روحه سترفرف دائماً فوق هذه الارض الطيّبة، فشكري بلعيد رمز لكل شهداء الحرية». وأشارت إلى أنها شعرت بحزن شديد يوم اغتيال بلعيد، قائلة: «لقد احتضنتني تونس أيام الحرب على لبنان في بداية الثمانينيات، ولن أنسى فضلها عليّ طالما حييت، وأنا اليوم بينكم لأؤكد أنّي في أتمّ الاستعداد للغناء طيلة حياتي من أجل تونس. قلبي وروحي وصوتي فداء لهذه الأرض». وكانت الرومي قد وصلت يوم الاثنين إلى تونس وحرصت على أن تكون زيارتها إلى ضريح الشهيد سريةً، إذ رفضت تصويرها من وسائل الإعلام كما لم يرافقها أحد من عائلة الشهيد ولا من حزبه.
وحطّت الفنانة اللبنانية في بلد البوعزيزي هذه الأيام لحضور تمارين الفرقة الأوركسترالية التي سترافقها في الحفلة التي تقدّمها ضمن «مهرجان قرطاج الدولي» يوم الخامس من آب (أغسطس) المقبل، وستستمر التمارين ثلاثة أيام بقيادة حافظ مقني مدير الأوركسترا السمفونية التونسية» والأستاذ في المعهد العالي للموسيقى وأبرز عازفي الكمان في تونس. وسيتولى شقيقه المؤلف الموسيقي والعازف في الأوركسترا محمد مقني قيادة الفرقة في جزء من العرض، وستشرف ماجدة الرومي على بداية التمارين مع الفرقة التي ستتألّف من حوالى خمسين عازفاً من التونسيين مع بعض العازفين اللبنانيين. ويتوقع أن تغني ماجدة الرومي أعمالاً جديدة لتونس، علماً أنّها غنت سابقاً قصيدة «إرادة الحياة» لأبي القاسم الشابي.
وتعود الرومي إلى تونس بعد غياب عن مهرجان قرطاج، الذي صعدت على ركحه في بداياتها مطلع الثمانينيات، وظلت محافظة على موعد متجدد مع الجمهور التونسي، الذي يعشق صوتها وحضورها. وكانت قد غنت لتونس «ع السلامة». كما أنّ مواقفها المساندة للحركة الديمقراطية في صراعها مع التيارات الإسلامية المتشددة، وتأكيدها على ريادة «تونس البورقيبية»، كانت محل تقدير كبير من النخبة التونسية. ورغم أنها حصلت على وسام الاستحقاق الثقافي من الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إلا أنّ التونسيين لا يعيرون ذلك قدراً كبيراً من الاهتمام، إذ إنّه يندرج في سياق بروتوكولي ليس إلا. وكانت الرومي قد حطّت في تونس آتية من المغرب، حيث أحيت أمسية ضمن «مهرجان تيميتار»، وأطلّت على الخشبة بقفطان «فوشيا» مطرز بالذهبي.