القاهرة | 17 مليون محتجّ في ميادين مصر، أربكوا جماعة الإخوان المسلمين وأجهزتها الإعلامية أولّها «بوابة الحرية والعدالة»، و«بوابة اخوان أونلاين»، وجريدة «الحرية والعدالة»، وقناة «مصر 25». البداية كانت مع «بوابة الحرية والعدالة» التي وصفت التظاهرات المعارضة الحاشدة بـ «الوهمية». وأوردت البوابة الإخبارية للحزب الحاكم، أنّ عدداً من السيارات كانت تجول في شوارع القاهرة والجيزة، وتردّد الهتافات الثورية بالميكروفونات لإيهام المواطنين بوجود زخم ثوري في الشارع!
البوابة ذاتها زعمت ضبط «حالات تحرش جماعي في تظاهرات سيدي جابر في الإسكندرية». الشائعة «النكتة» كرّرتها «بوّابة إخوان أونلاين»، حين نشرت خبراً عن «حالات تحرش عديدة وهرج في ميدان التحرير»، مما أثار سخرية النشطاء على الفايسبوك الذين ذكّروا بأنّها التهم نفسها التي ساقها «الحزب الوطني» (المنحل) والممثل طلعت زكريا في بداية «ثورة يناير 2011».
وشطحت البوابة في خيالها، زاعمةً أنّ عدد المتظاهرين المؤيدين للرئيس محمد مرسي، وما سمته الشرعية في ميدان رابعة العدوية بلغ 4 ملايين بينما تجاهلت تظاهرات المعارضة التي وصفتها بـ «فوضى الفلول». بوابة الإسلامويّين تكذب ولا تتجمّل. مع صورة لباخرة سياحية، نشرت مانشيت بعنوان «مسيرات التأييد تهز شوارع أسوان»، كما نشرت صورة لمسيرة معارِضة في شوارع أسيوط على الدراجات البخارية، ونسبتها إلى مسيرات التأييد! الأمر لم ينته عند محافظات مصر. رصدت البوابة ـ على حدّ زعمها ـ التظاهرات المؤيدة للجماعة في العواصم الغربية تحت عناوين عديدة منها «متظاهرون في نيويورك يؤيدون الرئيس»، و«مصريون في باريس يؤيدون الشرعية».
قناة «مصر 25» ظلت تركّز على ميدان رابعة العدوية، وتبالغ في أعداد المتظاهرين، فيما كان ضيوف القناة من قيادات التيارات الإسلامية تتهم «فلول الحزب الوطني» و«البلطجية» بترؤس التظاهرات المناهضة لحكم مرسي، وتتهمهم بمعادة الإسلام، واصفةً «جبهة الانقاذ الوطني» (المعارضة) بـ «جبهة الخراب». ومع بدء الاشتباكات في القاهرة والمحافظات الأخرى، تعالت أصوات مقدمي قناة الإخوان متهمةً المعارضة بالتحريض على حرق مقارّهم والاعتداء على أعضاء الجماعة. واكتفت النشرة الإخوانية بعرض نبأ إصابة اثنين من الجماعة في أسيوط بعد إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز، نافية الأنباء عن إطلاق مؤيدي الرئيس الرصاص ووقوع قتلى وجرحى في صفوف المعارضين.
العاملون في التلفزيون المصري ومقاومتهم لعمليات أخونة مبنى «ماسبيرو»، وقرارهم التعلم من درس «ثورة يناير»، جعلت النشرات الإخبارية في القناة الأولى وقناة «النيل للأخبار» أقلّ كذباً. ورغم عدم تغيير خريطة البرامج، وعرض برامج الطهو، صوّر التلفزيون الحكومي الأمر كأنّه انقسام طبيعي بين كفتين متكافئتين، مشيراً إلى أنّ ما تعيشه مصر حالة من الديمقراطية التي تسمح بإبداء الرأي والرأي الآخر.