بغداد | بعد ضغوط كثيرة، تراجع النائب جواد البزوني أول من أمس عن الدعوى التي رفعها بحقّ الكاتب والصحافي ناصر الحجاج «تلبية لرغبة عدد من الصحافيّين، على أن يعتذر لنا الحجاج في ما بعد». وكان عدد من الكتاب والشعراء والصحافيين العراقيين قد أصدروا قبل أيام بياناً تضامنيّاً مع ناصر الحجاج بسبب الدعوى التي رفعها جواد البزوني، متهماً إياه بالاساءة الى مجلس النواب.
المضحك أنّ هذه «الإساءة» تمثّلت في «بوست» نشره الحجاج قبل نحو شهرين عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك، حيث اقترح إخضاع أعضاء البرلمان لدورات تدريبيّة لتعريفهم بواجباتهم والمهام المنوطة بهم. وجاء في البيان «في محاولة لاستنساخ تجربة اعتقال الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، في أكثر من دولة خليجيّة واسلاميّة، بينها السعودية التي أصدرت أحكاماً ظالمة بالسجن على عدد من الناشطين والمفكّرين أبرزهم تركي الحمد، فوجئ الوسط بنبأ قيام النائب جواد البزوني برفع دعوى ضدّ الزميل المعروف ناصر الحجاج تتّهمه بالاساءة الى النواب». واستغرب الموقعون «هذا الإجراء من برلماني يفترض أنّه مسؤول عن حماية الحريات العامة، والدفاع عن الحقوق المدنيّة»، محذّرين من أنّ اتهامه بسبب رأي نشره في فايسبوك يعدّ «سابقة خطيرة في مجال التضييق على الحريّات والحقوق المدنيّة التي نصّ عليها الدستور».
وكان البيان قد لفت الى أنّ «ناصر الحجاج، لم يحرّض على الإرهاب، ولم يسهم في تخريب الدولة، ولم يقتل أحداً أو يختلس مالاً، بل كان همّه رؤية أبناء وطنه وهم يعيشون بحرية وعدالة ومساواة وكرامة».
ودعا المتضامنون النائب البزوني الى سحب دعواه ضدّ الحجاج، وتقديم اعتذار رسمي له، وللأسرة الصحافيّة، عن إجرائه «الذي نعدّه مسيئاً ومعيباً في مسيرة تشييد الدولة الحديثة في العراق». وناشد البيان الصحافيّين والكتّاب، والمؤسّسات المعنية بالدفاع عن الحريّات والحقوق، بإدانة هذا التصرف غير المسؤول واصفاً هذا الاتهام بأنّه «غير مسبوق منذ اطاحة النظام الديكتاتوري السابق». بعد هذه الضغوط، سحب جواد البزوني دعواه. لكنّ هذا لا يعني أنّ الصحافيين العراقيين بخير. منذ أيام، احتفل هؤلاء بالذكرى 144 لولادة الصحافة العراقية وسط مخاوف متزايدة من المضايقات والتهديدات والاغتيالات التي يتعرّض لها الصحافيون. منذ 2003، تُعتبر بلاد الرافدين من أخطر بقاع العالم للعمل الصحافي مع مقتل حوالي 260 صحافياً.



ناصر الحجاج في سطور

ناصر الحجاج شاعر وناقد، ولد في البصرة أواخر ستينيات القرن الماضي، وهاجر من العراق بعد أحداث العام 1991. أسهم في تأسيس «المنتدى الثقافيّ العراقي» في بيروت عام 1994. ثم انتقل في عام 2000 إلى الولايات المتحدة، وعمل لسنوات محرراً للأخبار في «راديو سوا». أصدر ثلاث مجموعات شعريّة من بينها: «نون» (1996)، «نبوءة مجنونة» (1997). ومن ضمن اشتغالاته في النقد كتاب «بدر شاكر السياب.. هويّة الشعر العراقيّ» (دار المعارف ــ بيروت 2012). ويرأس حالياً مجلس إدارة قناة «البصرة» الفضائية ويقيم في بيروت.