لا تشبه الدورة 15 من «المهرجان الدولي للمسرح الجامعي» دوراتها السابقة. حرم «الجامعة اللبنانية الأميركية» LAU يترقب عودة زياد الرحباني بعد انتظار طال 13 عاماً، منذ أن أحيا حفلة حفرت في ذاكرة من حضرها عام 1990. دعوات بالجملة، وجهتها إدارة الجامعة للرحباني لإعادة الحدث الاستثنائي مع دورات المهرجان، لكنه كان محكوماً بمزاجه وظروفه، غير أنّ المصادفة «وحالة النشاط الفني غير المسبوق التي يعيشها الرحباني جعلتنا نصل إلى اتفاق على أن يكون معنا في افتتاح المهرجان الليلة (21:00 مساء)» وفق ما تقول المسؤولة عن تنظيم المهرجان منى كنيعو لـ«الأخبار».
تمكنت كنيعو من تجاوز العقبات التي فرضتها الظروف السياسية والأمنية الراهنة التي تعصف بالمنطقة «هذا ما تسبب باعتذار فرق جامعية أجنبية عوّدتنا على حضورها كل عام. لكن هذا لم يمنعنا من التعويض بعروض محلية وعربية لتحقيق شرط التنوع وتبادل الخبرات».
منذ انطلاقه، تقوم فكرة المهرجان على إقامة ورشات عمل، وتحويل مسارح وقاعات وحتى حدائق الجامعة إلى فضاءات مسرحية مختلفة، لتحقيق شرط الاحتكاك وتبادل الخبرات بين طلاب المسرح في العديد من الجامعات والمعاهد العربية والأجنبية. قبل ساعات من الافتتاح، ينهمك الطلبة في وضع اللمسات الأخيرة على ديكور العروض المشاركة، وتنظيم الإكسسوارات وعناصر الإضاءة والصوت وغيرها من المسائل التقنية «المهرجان عبارة عن محطة اختبار حقيقية وفعلية لجملة العلوم النظرية والتطبيقية في المسرح، ومحطة لاختبارها في الشرط المسرحي الأمثل، أي بوجود الجمهور. على الطلاب أن ينجزوا كل شيء بأنفسهم، لكن تحت الإشراف والمتابعة إذا احتاجونا» تضيف كنيعو، التي تنشغل مع الطلبة المشاركين في عرض الافتتاح «فخامة الرئيس» للمسرحي جلال خوري وإخراج فراس بو زين الدين الذي سيعلن انطلاق أول عروض المهرجان في السابعة من مساء اليوم. يناقش العمل فكرة تضخّم الذات الإنسانية وتحول الكثير من البسطاء إلى وقود للأغنياء وعليّة القوم لبقائهم في حالة توهج. العرض قدم العام الماضي، محقِّقاً حضوراً وسط الجمهور. عن تجربتها، تخبرنا الطالبة فردوس نايلي «ألعب شخصيتي للمرة الثانية في العرض. وهي تختزل فكرة أنّ التعلق بالكذبة قد يودي بالإنسان إلى الضياع. نقدم شخصيات مجردة، تمثل حالات إنسانية مثل الغرور والادعاء». أما خريج معهد الفنون فراس حمية، الذي يشارك أيضاً في عرض الافتتاح، فيخبرنا: «أقدم شخصية فاروط الذي تنقله ظروف حياته من الطيبة المفرطة إلى حمل السلاح. النهاية المفتوحة للعرض يطلق فيها فاروط كلمته الوحيدة: غلط!». تحاول إدارة المهرجان خلق شروط غير متوقعة، ووضع الطلبة فيها من أجل تحفيزهم على الاكتشاف وإيجاد حلول بديلة. هذا ما ينطبق على ثاني عروض الافتتاح، عندما اختارت مخرجته الطالبة إيلين سلوم حديقة الجامعة لتحولها بمستوياتها المختلفة إلى فضاءات مسرحية متنوعة للنص الشكسبيري الكلاسيكي «روميو وجولييت». عن نقل عرضها من مسرح مغلق إلى فضاء مكشوف، تقول «يعود سبب اختياري لهذا النص إلى تقاطع الكثير من جوانبه وأحداثه مع محطات في حياتي الخاصة. ركزت في رؤيتي الإخراجية على استثمار مستويات الحديقة المختلفة، ووضع الممثلين والراقصين على مستوى مرتفع من الجمهور. عملت على إعداد النص المسرحي كي لا تتجاوز مدة العرض 50 دقيقة». اختارت إدارة المهرجان عروضاً متنوعة ومختلفة بعد مراسلات طويلة مع الجامعات والمعاهد المسرحية في العالم. تتوالى العروض بمعدل عرضين أو ثلاثة يومياً تقدم على مسارح الجامعة المختلفة. تشارك تونس بعرض يتيم هو «الحضيض» لمكسيم غوركي، ومصر بعرضين هما «الدب» لتشيخوف، و«الملك يلهو». المشاركة الأجنبية الوحيدة الآتية من تركيا هي «وحيد على الطريق»، فيما تتوزع بقية العروض على الجامعات اللبنانية المختلفة مثل «الرائعون» و«الجدار» الذي يقدّمه طلبة الجامعة المضيفة للمهرجان، و«الحلاج» من الجامعة اللبنانية، و«حرم معالي الوزير» من «جامعة بيروت العربية». وللمرة الأولى، يغيب «المعهد العالي للفنون المسرحية» في سوريا عن المشاركة في الفعاليات والعروض. كما أنّه لا وجود لأعمال تقارب الأحداث الدموية التي تعصف بالمنطقة. قرار شبه جماعي أعلنه طلاب المسرح والفن: «لا للحديث في السياسة، سنبقى بعيدين عن أشباح الحرب ومعاناتها التي عاشها آباؤنا قبل سنوات طويلة». ربما حضور زياد الرحباني والعمل على إنجاز استقبال يليق بالضيف، يشغل بال الطلبة أكثر من الحرب السورية وتداعياتها ومآسيها.
«المهرجان الدولي للمسرح الجامعي»: بدءاً من السابعة من مساء اليوم حتى 23 حزيران (يونيو) ـــ «مسرح غلبنكيان»، LAU (قريطم ـ بيروت) ــ للاستعلام: 01/786456